">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل مرور المرأة أمام المصلي يبطل صلاته؟


المرأة البالغة فقط (سواء كانت زوجة أو غيرها) والكلب الأسود فقط  والحمار إذا مر واحد من هؤلاء الثلاثة بين يدي المصلي ذكراً كان أم أنثى أي : بين المصلي وموضع سجوده أو بين المصلى وبين سترته ،

بطلت الصلاة سواء كانت فرضا أو نفلا ووجب استئنافها من جديد لذلك يُشرع اتخاذ السترة فى الصلاة للإمام والمنفرد .

وأما إذا لم يكن المصلى واضعا سترة أمامه ومر واحد من هؤلاء الثلاثة بعد موضع سجوده ونفترضه بين قدم المصلي وموضع سجوده متر،

 فمر واحد من هؤلاء الثلاثة وراء المتر فلا يضره شيء وصلاته صحيحة إن شاء الله لأن المرور لم يكن بينه وبين موضع سجوده . 

ولكن إذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ أو الكلب ليس بأسود أو مر شيء آخر كالبعير والشاة ونحوها بين يدى المصلى فهذه كلها لا تقطع الصلاة ولكن تقلل من أجر الصلاة .

والدليل :

1- عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : ( إذا قام أحدكم فصلى فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته: الحمار، والمرأة، والكلب الأسود ). رواه مسلم

2- عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : ( تعاد الصلاة من ممر الحمار، والمرأة، والكلب الأسود )، قلت : ما بال الأسود من الكلب الأصفر، من الكلب الأحمر؟! 

فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال : (الكلب الأسود شيطان ). قال العلامة الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (3323)(إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم). 

فهنا تصريحه بالإعادة المفسر للفظ : (يقطع) يدل على البطلان.

قال ابن رجب رحمه الله :

والله اعلم - خصت هذه الثلاث بالاحتراز منها، وهي:

المرأة : فإن النساء حبائل الشيطان ، وإذا خرجت المرأة من بيتها استشرفها الشيطان، وإنما توصل الشيطان إلى إبعاد آدم من دار القرب بالنساء . 

والكلب الأسود : شيطان ، كما نص عليه الحديث. 

وكذلك الحمار : ولهذا يستعاذ بالله عند سماع صوته بالليل لأنه يرى الشيطان . فلهذا أمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالدنو من السترة خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته انتهى من ("فتح الباري" لابن رجب (4/135)). 

قال القرطبي رحمه الله :

ذلك أن المرأة تفتن ، والحمار ينهق ، والكلب يروع فيتشوش المتفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة وتفسد فلما كانت هذه الأمور آيلة إلى القطع ، جعلها قاطعة . انتهى من " المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (2/109) .

قال ابنُ خُزيمةَ رحمه الله :

والخبر ثابت صحيحٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أنَّ الكلب الأسود، والمرأة الحائض، والحمار، يَقطعُ الصلاةَ ،

وما لم يثبتْ خبرٌ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضدِّ ذلك لم يجُزِ القولُ والفتيا بخلافِ ما ثبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)((صحيح ابن خزيمة)). (2/23). ويُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (2/141)،

قال ابن تيمية رحمه الله :

والصواب : أن مرور المرأة والكلب الأسود والحمار بين يدي المصلي دون سترته يقطع الصلاة . انتهى من ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/99). 

قال ابنُ القيِّم رحمه الله :

صحَّ عنه أنه يقطع صلاتَه : المرأةُ والحمارُ والكلبُ الأسود، وثبَت ذلك عنه من رواية أبي ذرٍّ، وأبي هُرَيرة، وابن عباس، وعبد الله بن مُغفَّل.

 ومعارضُ هذه الأحاديثِ قِسمانِ : صحيحٌ غيرُ صريح، وصريحٌ غير صحيح ؛ فلا يُترك العملُ بها لمعارض هذا شأنُه انتهى من ((زاد المعاد)) (1/306).

قال العلامة الألباني رحمه الله :

" تُعادُ الصلاةُ من ممرِّ الحمار، والمرأةِ، والكلبِ الأسود" وقال : "الكلبُ الأسود شيطان ". 

وإنَّما خرَّجتُ حديث الترجمة لتصريحِه بالإعادةِ المفسِّر للفظِ : " يقطعُ "، وقد قال به طائفةٌ من السلف - كما في "معالم السنن" للخطابي، وانتصر له ابن القيم في "زاد المعاد"-. 

وخالف الطبري في "تهذيب الآثار"...؛ فزعم أن معنى : " يقطع " في هذا نظيرُ قولِه صلى اللهُ عليه وسلم-: " إذا صلَّى أحدُكم إلى سترة؛ فلْيدْنُ منها؛ لا يقطع الشيطانُ عليه صلاتَه ". وهو حديثٌ صحيح مخرَّج في "صحيح أبي داود" (692و695)؛ 

فقال الطبري : " ومعلوم أن قطع الشيطان صلاةَ المُصلِّي ليس بمروره بين يديه وحده دون إحداثه له من أسباب الوسوسة والشك وشغل القلب بغير صلاتِه ما يُفسد به صلاتَه ويقطعها عليه"!

فأقول الألباني : هذا كلامٌ عجيبٌ غريب من مثل هذا الإمام الحافظ؛ فإنه يشبه كلام المعطِّلة لنصوص الصفات بالتأويل المُبطِل لدلالتها.

وإليك البيان :

لقد سلم الإمام بأن الشيطانَ يقطع الصلاة ليس بالمرور وحده وإنما بالوسوسة -أيضًا-؛ 

فكيف يصح جعل القطعِ بِمرور الأجناس الثلاثة نظير قطع الشيطان وليس في شيء منها الوسوسة التي هي من طبيعة الشيطان بنصِّ القرآن : { الذي يُوسْوِسُ في صُدور النَّاس }؟! وإنما فيها المرور فقط؛ 

أليس في هذا التنظير تعطيلًا واضحًا لِعلَّةِ المرور المذكور في حديث الأجناس دون الحديث الآخر؟ 

وذلك أن الشيطانَ يُوسوِس ولو لم يمر؛ كما في حديث : " إن أحدَكم إذا قام يُصلِّي جاء الشيطانُ فلبَّس عليه صلاتَه حتى لا يدري كم صلَّى... الحديث متَّفقٌ عليه، وهو مخرَّجٌ في "صحيح أبي داود" (943)، 

ولذلك لم يذكر في الحديث الآخر المرور؛ بخلاف الحديث الأوَّل -حديث الأجناس الثلاثة-؛ فاختلفا، ولم يجز التنظيرُ والمساواةُ بينهما في معنى "القطع".

وأيضًا؛ فالشيطانُ لا يُرى بحكم قوله -تَعالى-: { إنَّه يراكُم هو وقَبيلُه من حيث لا تَرَونَهم }؛ فناسبَ أن لا يذكر مروره في الحديث، وعدم الأمر بإعادة الصلاة؛

بخلاف الحديث الأوَّل؛ فإنها أجناس مرئيَّة؛ فناسب الأمر بالإعادة؛ فاختلفا من هذه الناحية -أيضًا-.

فإن قيلإذا كان الأمر كما ذكرتَ ؛ فما فائدة الأمر باتِّخاذ السترة؟!

فأقول : الأمر تعبُّديٌّ محض، وسببٌ شرعيٌّ غير معقول المعنى للمحافظة على صحة الصلاةِ في الحديث الأوَّل ، وسلامتها من وسوسة الشيطان وتعريضه إياها للفساد أو على الأقل لنقص الخشوع فيها في الحديث الآخر.

وأيضًا : فإن مما يؤكِّد بُطلان ذلك التَّنظير وفساده : أنه لا يجعل لذِكر الأنواع الثلاثةِ معنى؛ بل يجعله لغوًا! وهذا مما يتنزَّه عنه كلام مَن هو أفصح من نطق بالضَّاد؛ 

إذ لا فرقَ -من حيث شَغلُ البال عن الخشوع - بين أن يكون المار رجلًا أو امرأةً، وبين أن تكون امرأة حائضًا (أي: بالغة) وبين أن تكون غير بالغة، 

كما لا فرقَ بين أن يكون حمارًا أو بغلًا، كلبًا أو هرًّا، كلبًا أسود أو غيره؛إذ كل ذلك يشغل! وسواء كان المرور بين المصلِّي والسُّترة، أو مِن ورائها بعيدًا عنها، أو محتكًّا بها! 

بل لا فرق في ذلك كله بين اتِّخاذ السترةِ وتركها؛ إذ الفساد المدَّعى، أو انشغال البال حاصلٌ في كل هذه الأحوال!.

وإنَّ مما لا شك فيه : أن ما لزم منه باطلٌ ؛ فهو باطل ، فكيف بما لزمَ منه بواطيل من التَّسوية بين ما يُرى وما لا يُرى في الحُكم ،

وإلغاء الفرق بين الأجناس المذكورة في الحديث وما لم يُذكر فيه، وإلغاء الأمر بالسترةِ من أصله؟!.

ولذلك قلتُ في مطلع الرد على كلام الإمام : " إنه يُشبه كلام المعطِّلة.."؛ قلتُ هذا وأنا أعرف عِلمَه وفضلَه وقدرَه؛ 

ولكنْ : قدرُ كلام رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- أعظمُ عندي من أيِّ شخصٍ بعده . فكُن رجلًا يعرفُ الرجالَ بالحقِّ، وليس يعرف الحقَّ بالرجالِ والله المستعان . انتهى من ("السلسلة الصحيحة"، المجلد السابع، القسم الثاني، (ص959-962)).

وقال أيضا رحمه الله في السلسلة الضعيفة(6600 :

( أن المحفوظ من طرق صحيحة عنها- [أي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها]-  في  "الصحيحين" وغيرهما أنها خاطبت بذلك بعض التابعين حينما ذكر عندها ما يقطع الصلاة : الكلب، والحمار، والمرأة الحائض،

فقالت : شبهتمونا بالحمير والكلاب! والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة... الحديث. وأحد طرقه في "صحيح أبي داود " ( 706 ).

وفي رواية لمسلم ( 2/ 65 ) : أن عروة هو الذي قال ذلك ، فقالت : إن المرأة لدابة سوء!.

ففيه إشعار قوي بأنها لم تسمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم ، وإنما من أولئك المشار إليهم، ولذلك قالت لهم : شبهتمونا... إلخ. محتجة بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي مضطجعة بينه وبين القبلة،

وإن كانت هذه الصلاة لا تنافي حديث القطع، لأن اضطجاعها ليس مروراً - كما حققه العلماء - . انتهى.

وسئل أيضا رحمه الله :

هل الزوجة تقطع صلاة زوجها إذا مرت بينه وبين مصلاه؟

فأجاب :

الحديث كما سمعت ما خص امرأة غريبة عن الزوجة فكل امرأة إذا مرت بين يدي المصلي فهي تقطع الصلاة ،

لكن أشكل علي قولك والبنت الحائض أنت تفهم أن الحائض في بعض طرق الحديث هذا اللفظ كناية عن بلوغها سن التكليف،

إذا بلاش نقول الحائض حتى ما يشكل على بعض السامعين فيفهم هذه الكلمة على غير مراد الرسول عليه السلام لها،

 فنقول حينذاك كل امرأة بالغة سن التكليف إذا مرت بين يدي المصلي لا فرق بين أن تكون زوجة محرما أو أجنبية كل امرأة تمر بين يدي المصلي فالصلاة تنقطع أي تبطل.

ولكن إنما تبطل هذه الصلاة بشرطين اثنين :

 الشرط الأول: إذا لم يكن بينه وبين القبلة سترة فلو مرت المرأة أو أي شيء آخر ذكر في حديثك مر بينك وبين السترة فذلك لا يضرك،

 لأن السترة هي الحامية الشرعية من تعريض الصلاة للفساد والبطلان هذا الشيء الأول إنما تبطل الصلاة بمرور المرأة إذا لم يكن بين يديه سترة. 

الشيء الثاني : إذا كان مرور المرأة بين المصلي وبين موضع سجوده إذا كان مثلا الساجد بين ساقه وبين موضع سجوده متر مثلا وهذا بطبيعة الحال يختلف من قصير القامة إلى طويل القامة, من صغير من كبير إلى آخره,

فإذا مرت المرأة وراء موضع السجود ونفترضه بين ساق المصلي وموضع سجوده متر فمرت المرأة وراء المتر فلا يضره لأن المرأة لم تمر بينه وبين موضع سجوده هكذا شرط قطع الصلاة.

 وقطع الصلاة له مرتبتان : قطع بمعنى الإبطال وهذا هو المقصود في هذا الحديث ،

وقطع بمعنى تقليل فضيلة الصلاة وأجر الصلاة وذلك شامل لكل مصلّ يصلي دون أن يتوجه إلى سترة ،

فلو صلى مصل إلى غير سترة فمر أيّ شيء بين يديه ولو غير هذه الثلاثة فصلاته ناقصة ولكنها ليست باطلة إلا بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود هذا جواب ما سألت.

السائل : التقييد أستاذ بموضع السجود فيه عليه دليل؟

الشيخ : 

الدليل هو يؤخذ من ملاحظة أن بين يدي المصلي يمتد إلى عشرات الأمتار ولا يمكن أن يقال بإبطال الصلاة مهما كان المرور هذا أولا,

وثانيا : السنة أوضحت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قام يصلي بينه وبين موضع سجوده والتعبير في الحديث مصلاه ثلاثة أذرع فبعد الثلاثة أذرع يكون السترة ،

فإذا المرور إنما يكون المبطل بين المصلي وبين موضع السجود فإذا اتخذ السترة فكما قلنا آنفا السترة هذه تمنع من قطع صلاته ،

بمعنى الإبطال من الأشياء الثلاثة وتمنع تقليل الأجر كما قلنا بأي شخص يمر ولو كان المار رجلا أو كان شابا أو كان طفلا أو طفلة،

 ومن فوائد السترة : أنه إذا قام أحدنا يصلي وكان بين يدي السترة وأراد أحدهم أن يمر بين يديه فله أن يعطيه الإشارة الحمراء أي ممنوع المرور،

 فإذا أبى إلا أن يمر رغم أنف المصلي يقول الرسول عليه السلام ( فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ) فمن الأمرين الذين ذكرناهما قلنا بأن المرور الذي يضر هو بينه وبين موضع سجوده قلنا لا يمكن ضبط الموضوع في الصحراء . انتهى من (سلسلة الهدى والنور - شريط : (1028)). 

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

وأما ما يقطع الصلاة فهو الحمار والكلب الأسود والمرأة البالغة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل، المرأة والحمار والكلب الأسود ). أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه،

 ورواه مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون ذكر الأسود والقاعدة أن المطلق يحمل على المقيد، 

وفي حديث ابن عباس : المرأة الحائض ، أي البالغة ، والصواب ما دل عليه الحديث أن هذه الثلاث تقطع

وأما قول عائشة : فهو من رأيها واجتهادها، قالت : بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب ، وذكرت أنها كانت تعترض بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، 

وهذا ليس بمرور لأن الاعتراض لا يسمى مروراً، وقد خفيت عليها - رضي الله عنها- السنة في ذلك ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، 

فلو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك ، وإنما الذي يقطع هو المرور بين يدي المصلي من جانب إلى جانب، إذا كان المار واحداً من الثلاثة المذكورة بين يديه أو بينه وبين السترة. 

إذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ أو الكلب ليس بأسود ، أو مر شيء آخر كالبعير والشاة ونحوها فهذه كلها لا تقطع،

 لكن يشرع للمصلي ألا يدع شيئاً يمر بين يديه وإن كان لا يقطع الصلاة ؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ). متفق على صحته.

وكان عليه الصلاة والسلام إذا أرادت البهيمة أن تمر بين يديه تقدم حتى تمر من خلفه، 

والخلاصة : أن على المصلي أن يدفع المار حسب طاقته ولكن لا يقطع الصلاة إلا هذه الثلاثة المتقدمة وهي المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود.

وحديث ابن عباس في ترك أتانه ترتع بين يدي بعض الصف ليس بحجة في عدم قطع الصلاة بالحمار؛ 

لأنها مرت بين يدي بعض الصف والمأموم تبع الإمام لا يقطع صلاته مرور المرأة ولا غيرها لأنه تابع للإمام ،

فلا يقطع صلاته إلا ما يقطع صلاة الإمام فلو مرت بين يدي الإمام أو المنفرد قطعت .

فالحاصل أن كلام عائشة رضي الله عنها لا يعارض السنة بل السنة مقدمة على رأي عائشة وعلى غير عائشة ، 

وهذه قاعدة معلومة عند أئمة الأصول ومصطلح الحديث، والله يقول سبحانه : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) . انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (29/ 329)).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

وهذا هو المشهور من المذهب أن الصَّلاة لا تبطل إلا بمرور الكلب الأسود البهيم فقط ، فلا تبطل بمرور غيره. 

وأما المرأة والحمار؛ فلا تبطل الصَّلاةُ بمرورهما على ما أفاده كلام المؤلِّف، وهو المذهب.

والدَّليل على أنَّ الكلب الأسود يُبطل الصَّلاةَ ، حديث أبي ذرٍّ، أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « إذا قامَ أحدُكم يُصلِّي،فإنه يَسْتُرُهُ إذا كان بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا لم يكن بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنه يقطعُ صلاتَهُ: الحمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ». وفي بعض هذه الأحاديث الإطلاق كحديث عبد الله بن مُغَفَّل، وحديث أبي هريرة.

وقوله : « يقطع » أي : يبطل؛ لأن قَطْعَ الشيء فَصْلُ بعضِه عن بعض، تقول : 

قطعتُ السلك، أي : فصلت بعضَه عن بعض، فإذا مرَّ مَن يقطع الصَّلاة لم يمكن أن يبني آخرها على أوَّلها، فهذا هو الدليل. 

وهذا الدليل يقتضي أن الذي يقطعُ الصَّلاة ثلاثة، وليس الكلب الأسود البهيم فقط. 

لكنهم قالوا : إن هذا مخصَّصٌ بأدلة تخرجُ الحِمَار، وتخرجُ المرأةَ.

** أما الحِمار فخصَّصوه، بحديث ابن عباس : حين جاء والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يصلِّي بالناس بمِنى، فمرَّ بين يدي بعض الصَّفِّ وهو راكبٌ على حِمار أتان، وأرسل الحِمارَ ترتع، ولم يُنكر عليه أحدٌ. 

قالوا : فهذا ناسخ لحديث عبد الله بن مغفَّل وأبي هريرة، لأنه في آخر حياة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، 

وفي هذا نَظَرٌ من وجهين :

أولاً : أن النسخ هنا غير تامِّ الشُّروط ؛ لأنه لم يكن هذا الفِعل في آخر لحظة مِن حياته صلّى الله عليه وسلّم، 

إذ مِن الجائز أن يكون حديث أبي هريرة، وعبد الله بن مغفَّل، وأبي ذرٍّ بعد حجَّة الوداع، ومِن شروط النسخ أن نعلم تأخُّر الناسخ.

ثانياً : أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل : إنه مَرَّ بين يدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بل بين يدي بعض الصَّفِّ، 

ونحن نقول بموجب ذلك، أي : أن المأموم لا يقطع صلاتَه شيء؛ لا الكلب ولا غيره؛ لأن سُترة الإِمام سُترة له.

** وأما المرأة؛ فقالوا : عندنا دليلان على أن المرأة لا تقطع الصَّلاةَ :

الدليل الأول : حديث عائشة رضي الله عنها لما قيل لها : إن المرأة تقطعُ الصَّلاةَ ـ فغضبت وقالت : « قد شَبَّهْتُمُونا بالحمير والكلاب! 

لقد كنت أنام بين يدي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم معترضة وهو يُصلِّي بالليل »فلو كانت تقطع صلاته ما استمرَّ في صلاته.

والجواب : أنَّ هذا الحديث ليس فيه دليل؛ لأن هذا ليس بمرور، والنبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام يقول : « فلا يدع أحداً يمر »، 

وفَرْقٌ بين المرور والاضطجاع، ونحن نوافقكم على أن المرأة لو اضطجعت بين يدي المصلِّي لم تقطع صلاته.

الدليل الثاني : أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم : كان يُصلِّي في بيت أُمِّ سَلَمة ، فجاء عبدُ الله بن أبي سلمة أو عُمرُ بن أبي سلمة ؛ يريد أن يتجاوز بين يدي الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام فَمَنَعَهُ، 

فجاءت زينبُ بنت أبي سَلَمة وهي طفلة صغيرة، فَمَنَعَها فلم تمتنع وعَبَرَت، فلما سَلَّمَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قال : «هُنَّ أغلب» ولم يستأنف الصلاة .

ويُجاب عن هذا بجوابين:

أحدهما : أن هذا الحديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حُجَّة.

والثاني : أن البنت صغيرة ، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قال : « المرأة » والمرأة هي الكبيرة البالغة ، ونحن نوافقكم على أن الصغيرة لا تقطع الصَّلاةَ.

وعلى هذا فيكون القول الرَّاجحُ في هذه المسألة : أن الصَّلاة تبطل بمرور المرأة والحِمار والكلب الأسود ، 

لثبوت ذلك عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ولا مقاوم لهذا الحديث يعارضه حتى نقول : إنه  منسوخٌ أو مخصَّصٌ، 

بل تبطل الصَّلاة، ويجب أن يستأنفها، ولا يجوز أن يستمر؛ حتى لو كانت الصلاة نَفْلاً ؛ لأنه لو استمرَّ لاستمرَّ في عبادة فاسدة ، والاستمرار في العبادات الفاسدة محرَّم، 

ونوع مِن الاستهزاء بالله عزّ وجل إذ كيف يتقرَّب إلى الله بما بما لا يرضاه الله لأن الفاسد لا يرضاه الله وإذا لم يرضه الله فإنه لا يجوز لك أن تتقرب إليه به،

ولهذا من قواعد أهل العلم كل عقد فاسد، كل شرط فاسد، كل عبادة فاسدة فإنه يحرم المضي فيها . انتهى من (الشرح الممتع على زاد المستقنع -كتاب الصلاة-(28)).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات