القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم صلاة النافلة بعد الفرض مباشرة


لا يجوز صلاة النافلة بعد الفرض مباشرة حتى يفصل المصلى بينهما بأن يتحول المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً من مكانه أو أن يتكلم لنهى النبي ﷺ عن ذلك وهذا فى كل الصلوات . 

وإليك الأدلة :

1- عن عمرو بن عطاء رحمه الله، أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر، يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فقال : نعم؛ صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي، فقال : لا تعد لما فعلت؛ إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك؛ أن لا توصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج . (رواه مسلم)

قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :

حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يدل على أن الإنسان إذا تنفل يوم الجمعة في المسجد فلا يتنفل في مكانه الذي صلى فيه حتى يتكلم أو يخرج أو يتحول إلى مكان آخر كما سيأتي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أن الفصل بين الفرض والنفل يكون بالكلام ويكون -أيضاً- بالفعل والانتقال، ولكن الانتقال أولى من الاقتصار على الكلام؛ لأن فائدة الانتقال تعدد البقع وكونها تشهد له كما أشرت إلى ذلك آنفاً.

وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل الجمعة وغيرها من ناحية الانتقال سواء، وهذا الحديث : فقوله : [(فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة عام)]. انتهى من (كتاب شرح سنن أبي داود للعباد)

 قال الشيخ العوايشة في الموسوعة الفقهية :

وهذا عامٌّ غير مخصوص بالجمعة لقول معاوية -رضي الله عنه-: "فإِنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمَرنا بذلك، أن لا تُوصَل صلاة بصلاة ... ". اه

وهذا يقتصر على وصل السنة البعدية مع صلاة الفريضة ويتحقق الفصل بأن يأتي الرجل ـ المصلي ـ بـأي فعل أو قول ليس من أفعال الصلاة كالإلتفات أو السلام على الذي يليه أو التحدث بأي أمر أو الاستغفار أو الذكر بأي شكل ونوع وكم وهيئة فالتكلم الذي يرفع النهي لايشترط فيه أن يكون كلام تعبدي وإن كان هو الأفضل .

وأما التحول عن المكان نوعان :

الانتقال من مكان لآخر داخل المسجد.

أو الخروج من المسجد وتصلى في البيت.

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله، يَعْنِي : السُّبْحَةَ ). أي : صلاة النافلة بعد الفريضة(صحيح سنن ابن ماجه) .

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يُصَلّ الإمامُ في الموضع الذي صلى فيه حتى يَتَحوََّل ". (صحيح أبي داود)

4- عن عطاء قال : رأيت ابن عمر صلى الجمعة ثم تنحى من مكانه فصلى ركعتين فيهما خفة ثم تنحى من مكانه ذلك فصلى أربعا هي أطول من تيك. (مصنف ابن أبي شيبة في المصنف(2/139). وسنده صحيح)

5- عن عطاء أيضا : أن ابن عباس وابن الزبير وأبا سعيد وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يقولون : لا يتطوع حتى يتحول من مكانه الذي صلى فيه الفريضة (المصنف لابن أبي شيبه 2/208 - إسناده صحيح).

6- عن عبد الرحمن بن شبل قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ثلاث عن نقرة الغراب وعن فرشة السبع وأن يوطن الرجل المكان الذي يصلي فيه كما يوطن البعير. (صحيح ابن ماجه) ‫ أي : نهى أن يتخذ لنفسه من المسجد مكانا معينا لا يصلي إلا فيه .

وحكمه النهى عن ذلك :

أولاً : أنه قد يؤدّي إلى الشّهرة والرّياء والسمعة.

ثانياً : فيه الحرمان من تكثير مواضع العبادة، التي تشهد له يوم القيامة.

7- عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العصر، فقام رجل يصلي، فرآه عمر فقال له : اجلس؛ فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أحسن ابن الخطاب ». (صحيح أبي داود). هنا صار قول عمر كأنَّه حديث لرسولِ الله .

قال الصنعاني رحمه الله : 

"وظاهر النهي التحريم " .اه

 (سبل السلام 2/164).

قال ابن رجب :

 وهذا الحديث يدل على كراهة أن يَصِل المكتوبة بالتطوع بعدها من غير فصل، وإن فصل بالتسليم . انتهى من ( فتح الباري لابن رجب(6/114)).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

والحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج، كما يفعله كثير من الأعاجم وبخاصة منهم الأتراك، فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا وهناك قياما إلى السنة .انتهى من (السلسة الصحيحة: 6/ 105]. 

قال العيني : 

دَلّ هذا أن الصلاة النافلة في المكان الذي صَلى فيه الفَرض يُكره ، فينبغي إذا فَرَغ مِن المكتوبة أن يتأخر عن موضعه أو يتقدم لأجل صلاة النفل . اهـ .(شرح سنن أبي داود 1-4 ج(3))

قال أيضا ابن رجب رحمه الله :

وروى الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن عمروٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ ، أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة ، فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم . قال ابن عبد البر : هذا حديثٌ صحيحٌ .

قال : وقال الشعبي :  إذا صليت المكتوبة  ثم اردت أن تتطوع  فاخط خطوةً .انتهى من (كتاب فتح الباري لابن رجب رحمه الله الجزء السادس صفحة (114 ))

فظاهر النهى في الأحاديث التحريم ولم يرد دليلا صحيحا صارف لهذا التحريم إلى الإستحباب .

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

" جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عمل كذا من الأعمال ، فهل النهي هو التحريم ، أو أن النهي يعني الكراهية ؟ "

فأجاب :

" الأصل أن النهي للتحريم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فما نهيتكم عنه فاجتنبوه ... الحديث ) ، فلا ينقل عن التحريم من الكراهة إلا بدليل يدل على ذلك " . انتهى مختصرا بتصرف يسير من " فتاوى نور على الدرب " .

وسئل أيضا رحمه الله :

 عن معنى حديث السائب بن يزيد فأجاب : 

"الحديث أخرجه مسلم في صحيحه وهو يدل على أن المسلم إذا صلى الجمعة أو غيرها من الفرائض فإنه ليس له أن يصلها بصلاة حتى يتكلم أو يخرج من المسجد، والتكلم يكون بما شرع الله من الأذكار كقوله : أستغفر الله. أستغفر الله. أستغفر الله. اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، حين يسلم، وما شرع الله بعد ذلك من أنواع الذكر، وبهذا يتضح انفصاله عن الصلاة بالكلية حتى لا يظن أن هذه الصلاة جزء من هذه الصلاة .

والمقصود من ذلك تمييز الصلاة التي فرغ منها من الصلاة الأخرى، فإذا سلم من الجمعة فلا يصلها بالنافلة لئلا يعتقد هو أو غيره أنها مرتبطة بها أو أنها لازمة لها.

وهكذا الصلوات الأخرى كالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر لابد من الفصل بالكلام كالذكر أو غير ذلك من الكلام أو الخروج من المسجد حتى يعلم أنها غير مربوطة بما قبلها " .اه ( مجلة البحوث الإسلامية ( العدد 65/69) بواسطة المكتبة الشاملة).

فعلة الفصل بين الفريضة والنافلة :

 تمييز إحداهما عن الأخرى وذكر بعض العلماء علة أخرى لذلك وهي : تكثير مواضع السجود لأجل أن تشهد له يوم القيامة.

قال الشوكاني : 

والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها} أي تخبر بما عمل عليها. وورد في تفسير قوله تعالى : { فما بكت عليهم السماء والأرض} أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد له من السماء، وهذه العلة تقتضي أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج. أخرجه مسلم .انتهى من (نيل الأوطار (3/197))

إذن

الصحيح أن تكون النافلة بعد الذكر إذا صلى المسلم أو المسلمة الفريضة يأتي بالذكر يقول : أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير والى غير ذلك من الاذكار .

والأفضل صلاة السنة في البيت إذا كانت بعدية أو صلاتها في البيت ثم الإتيان للمسجد لصلاة الفريضة إن كانت قبلية لأن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة . وبهذا يكون المسلم يُميّز الفريضة عن النافلة ومن هنا يُعلم خطأ أولئك الذين إذا سلّم الإمام نهضوا سراعاً لأداء النافلة .


والله أعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات