لا يجوز صلاة النافلة بعد الفرض مباشرة حتى يفصل المصلي بينهما،
بأن يتحول المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً من مكانه أو أن يتكلم، لنهى النبي ﷺ عن ذلك، وهذا فى كل الصلوات .
* ومن هنا يُعلم خطأ أولئك الذين إذا سلّم الإمام نهضوا سراعاً لأداء النافلة.
* والعلة في ذلك : تمييز الفريضة عن النافلة ، وتكثير مواضع العبادة،
كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى : يومئذ تحدث أخبارها أي تخبر بما عمل عليها .
* ويتحقق الفصل بأن يأتي الرجل ـ المصلي ـ بـأي فعل أو قول ليس من أفعال الصلاة ، كالإلتفات أو السلام على الذي يليه أو التحدث بأي أمر أو الاستغفار أو الأذكار المشروعة عقب الصلاة.
وإليك الأدلة :
1- عن السائب بن يزيد رضي الله عنه أن معاوية قال له : " إذا صليتَ الجمعة، فلا تُصلِّها بصلاة حتى تكلم أو تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك ألا نوصل صلاةً بصلاةٍ حتى نتكلم أو نخرج ". رواه مسلم.
قوله : ( صلاة بصلاة ) صلاةً هذه نكرة في سياق النفي ، فتكون عامةً للفريضة والنافلة أنك تفصلها بذكر ، وكذلك نفل بنفل كصلاة الليل والوتر وما أشبه ذلك.
- قال الصنعاني رحمه الله : " وظاهر النهي التحريم ". انتهى من (سبل السلام 2/164).
- وقال القشيري في كتابه السنن والمبتدعات ص (70) تحت باب ( في بدع ما بعد التسليم ) : " ووصل السنة بالفرض من غير فصل بينهما منهيٌّ عنه كما في حديث مسلم :
فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج ، وظاهر النهي التحريم " . أهـ.
- قال العراقي في طرح التثرب في شرح التقريب [3/ 44]: والحديث المرفوع الذي رواه معاوية لم يخص فيه ذلك بالجمعة؛
فكل نافلة كذلك في استحباب فعلها في البيت إلا ما استثني وبتقدير فعلها في المسجد فيستحب الفصل بينها وبين الفرض. انتهى.
- وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله : وفيه أن الفصل بين الفرض والنفل يكون بالكلام ويكون -أيضاً- بالفعل والانتقال،
ولكن الانتقال أولى من الاقتصار على الكلام؛ لأن فائدة الانتقال تعدد البقع وكونها تشهد له كما أشرت إلى ذلك آنفاً.
وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل الجمعة وغيرها من ناحية الانتقال سواء، وهذا الحديث : فقوله : ( فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة عام ). انتهى من (كتاب شرح سنن أبي داود للعباد).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله، يَعْنِي : السُّبْحَةَ ). أي : صلاة النافلة بعد الفريضة . (صحيح سنن ابن ماجه) .
3 - عن عطاء أيضا : أن ابن عباس وابن الزبير وأبا سعيد وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يقولون : لا يتطوع حتى يتحول من مكانه الذي صلى فيه الفريضة . (المصنف لابن أبي شيبه 2/208 - إسناده صحيح).
4 - عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العصر، فقام رجل يصلي، فرآه عمر فقال له :
اجلس؛ فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أحسن ابن الخطاب ». (صحيح أبي داود). هنا صار قول عمر كأنَّه حديث لرسولِ الله ﷺ.
- قال الشيخ الألباني رحمه الله : والحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج ، كما يفعله كثير من الأعاجم وبخاصة منهم الأتراك،
فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا وهناك قياما إلى السنة. انتهى من (السلسة الصحيحة: 6/ 105]).
** فظاهر النهى في الأحاديث التحريم ولم يرد دليلا صحيحا صارف لهذا التحريم إلى الإستحباب .
- قال ابن رجب رحمه الله :
وروى الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن عمروٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ ، أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة ، فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم . قال ابن عبد البر : هذا حديثٌ صحيحٌ.
قال : وقال الشعبي : إذا صليت المكتوبة ثم اردت أن تتطوع فاخط خطوةً. انتهى من (كتاب فتح الباري لابن رجب رحمه الله الجزء السادس صفحة (114 )).
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
.. والمقصود من ذلك تمييز الصلاة التي فرغ منها من الصلاة الأخرى،
فإذا سلم من الجمعة فلا يصلها بالنافلة لئلا يعتقد هو أو غيره أنها مرتبطة بها أو أنها لازمة لها، وهكذا الصلوات الأخرى كالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر،
لابد من الفصل بالكلام كالذكر أو غير ذلك من الكلام أو الخروج من المسجد، حتى يعلم أنها غير مربوطة بما قبلها. انتهى من ( مجلة البحوث الإسلامية ( العدد 65/69) بواسطة المكتبة الشاملة).
والله أعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق