">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الغيبة : ذكرك الإنسان بما يكره سواء ذكرته بلفظك أو في كتابك أو رمزتَ أو أشرتَ إليه بعينك أو يدك أو رأسك،

فكلّ ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم فهو غيبة محرّمة .

قد يُخطئ البعض في التفكير بأنّ الغيبة بالقلب لا تُعدّ محرمة، ولكن اعلم أن سوء الظن حرام مثل سوء القول،

فكما يحرُم عليك أن تُحَدِّث غيرك بلسانك بمساوئ الغير فليس لك أن تُحَدِّث نفسك وتسيء الظن بأخيك،

وتفرح بقلبك بما يصيبه من المعاصي ولا تنكرها بقلبك فهذا حرام عليك. 

فيجب على مَن سمع إنسانًا يبتدئ بغيبة محرَّمة أن ينهاه إن لم يخف ضررًا ظاهرًا، فإن خافه وجب عليه الإنكار بقلبه،

ولا بد من كراهته بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس، وإن قال بلسانه : اسكت، وهو مشتهٍ ذلك بقلبه، فذلك نفاق.

فأما الخواطر وحديث النفس فهي معفوٌّ عنها، بل الشك أيضًا معفو عنه،

ولكن المنهي عنه أن يظن والظن عبارة عما تركنُ إليه النفس ويميل إليه القلب،

فقد قال الله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾. [الحجرات: 12].

قال ابن الجوزى رحمه الله :

وكم من ساكت عن غيبة المسلمين إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه ، وهو آثم من ذلك بثلاثة وجوه :

أحدها: الفرح فإنه يحصل بوجود هذه المعصية من المغتاب.

والثاني: لسروره بثلب المسلمين.
 
والثالث: أنه لا ينكره . انتهى من (تلبيس إبليس- لابن الجوزى).

*كيف تُصبح في مأمن من الغيبة بالقلب؟

قال الإمام النووي رحمه الله :

اعلم : أن الغِيبة - كما يَحرُم على المغتاب ذِكرُها - يحرُم على السامع استماعُها وإقرارها،

فيجب على مَن سمع إنسانًا يبتدئ بغيبة محرَّمة أن ينهاه إن لم يخف ضررًا ظاهرًا، فإن خافه وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس إن تمكَّن من مفارقته،

فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغِيبة بكلام آخر، لزمه ذلك، فإن لم يفعل عصى،

فإن قال بلسانه : اسكت، وهو يشتهي بقلبه استمراره، 

فقال أبو حامد الغزالي : ذلك نفاق لا يخرجه عن الإثم، ولا بد من كراهته بقلبه،

ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغِيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه، ولم يمكنه المفارقة بطَريقٍ، حَرُمَ عليه الاستماع والإصغاء للغيبة، 

بل طريقه أن يذكر الله بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها،

ولا يضره بعد ذلك السماع من غير استماع وإصغاء في هذه الحالة المذكورة،

فإن تمكَّن بعد ذلك من المفارقة وهم مستمرون في الغِيبة ونحوها، وجب عليه المفارقة؛

قال تعالى : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ). [الأنعام: 68]. انتهى من "الأذكار" (ص: 291).


والله اعلم


وللفائدة..

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات