أولاً: المرأة الحائض تُثاب زمن الحيض على ما كانت تعمله من عبادات أيام طهرها إن شاء الله ،
فالله جل فى علاه يكتب للعبد ثواب العمل الصالح إذا كان معذوراً ؛
فإذا علم الله من قلب الحائض والنفساء أنه ما منعها إلا هذا وأنه لولا الحيض لصلّت فإنه يكتب لها أجر ما نوت، ومما يدل على ذلك :
1- قوله ﷺ : إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبًا، ولا واديًا إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر. (صحيح البخاري). وفي رواية عند مسلم : إلا شركوكم في الأجر.
دل الحديث على : فضل النية في الخير، وأن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه لم يستطع القيام به لعذر؛ فإنه يكتب له أجر ما نوى.
كما أن العذر أعم من المرض ؛ فإن في المدينة أناسًا تخلفوا لعدم وجود نفقة يتمكنون بها من الخروج للجهاد وهم أصحاء، كما قال تعالى :
لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {التوبة:91}. ومع هذا فهم مثابون،
قال القاضي عياض رحمه الله : هذا يدل على أن من نوى شيئًا من أفعال الخير، ولم يفعله لعذر يكون بمنزلة من عمله. ينظر: (فيض القدير- للمناوي).
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ الحديث : ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻗﻞ سواء كان رجلا أو امرأة - ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻍ -
ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ الأﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻋﺠﺰ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻤﺮﺽ ﺃﻭ ﺷﻐﻞ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ.
- فعن الضّحَّاكِ رحمه الله أنه قيل له : أرأيتَ النُّفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيبٌ؟
قال : نعم، كُلُّ من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر. انتهى من (وظائف رمضان لعبد الرحمن الحنبلي النجدي (62)).
ثانياً: للحائض أن تتحرى ليلة القدر بقدر استطاعتها حتى يجعل الله لها نصيب فيها ،
فإحياء الليل ليس خاصاً بالصلاة فقط بل يشمل جميع الطاعات فيمكن للحائض في ليلة القدر أن تقوم بهذه العبادات الآتية، مثل أن:
1- تقرأ ما تيسر من القرآن فلها مس المصحف والقراءة منه ،لأن المسلم لا ينجس .
2- ولها أيضا أن تكثر من التسبيح والتحميد والتهليل.
3- لها أن تكثر من الإستغفار والصلاة على النبي ﷺ.
4- لها أن تحث أخواتها وزوجها وأولادها على قيام تلك الليلة فالدال على الخير له أجر فاعله.
5- لها أن تتصدق وتعمل كثير من الطاعات مثل: بر الوالدين وصلة الأرحام ولو بالإتصال بالهاتف.
6- لها أن تكثر من دعاء الله تعالى وسؤاله من خير الدنيا والآخرة، فإن الدعاء من أفضل العبادات لقوله ﷺ : الدعاء هو العبادة . صحيح الترمذي ( 2370 )
ولأهمية الدعاء فى العشر الأواخر من رمضان يتبين لك ذلك فى هذا الحديث:- عن ﻋﺎﺋﺸﺔ رضي الله عنها ﻗﺎﻟﺖ:
ﻗﻠﺖ : ﻳﺎ رسول اﻟﻠﻪ،أرأيت إن ﻋﻠﻤﺖُ أي ﻟﻴﻠﺔٍ ﻟﻴﻠﺔُ اﻟﻘﺪْﺭِ، ﻣﺎ أقول ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ : (( ﻗﻮﻟﻲ : اﻟﻠﻬﻢ إنك ﻋﻔﻮٌّ ﺗﺤﺐ اﻟﻌﻔﻮَ ﻓﺎﻋﻒُ ﻋﻨﻲ )). ((صحيح سنن الترمذي))
فكما رأيت لم يقل لها النبي ﷺ أكثرى من الصلاة و..و..و. ولكن أرشدها إلى الدعاء فقط.
** قالت سُكينة بنت الشيخ الألباني -سألتُ أبي رحمه الله تعالى :
كيف تقوم صاحبة العذر الشرعي ليلة القدر؟
فأجابني رحمه الله :
بين : دعاء وذكر وتلاوة القرآن ولا بأس عليها مِن ذلك وأظن أنك متأكدة مِن عدم كراهة قراءة المرأة الحائض للقرآن ،
فحينئذ هذا هو المخرَج مِن جهة ومِن جهة أخرى يَحْسُن بِمِثل هذه المناسَبة أنّ المسلم سواء كان ذكرًا أو أنثى،
أن يتأدّب بأدب الرسول عليه السلام الذي قال في جملةِ ما قال : { اغتنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شبابَك قَبْلَ هَرمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ}.
مِن أجل ماذا؟ لأنه جاء في “صحيح البخاري ” أنّ المسلم إذا مرض أو سافر؛ كَتَب اللهُ له ما كان يَعمله من الطاعة والعبادة في حالة الإقامة وفي حالة الصحة .
فعلى مثل تلك المرأة أن تَغتنم وقْتَ طهارتها وتمكُّنِها من قيام العشر الأخير، أو على الأقلّ : الأوتار، أو أقلّ من القليل : اليوم أو ليلة السابع والعشرين،
فإن الله عز وجل إذا عَلم مِن أَمَتِه أنها كانت تَفعل ذلك في حالةِ تمكُّنِها مِن القيام بالصلاة، ثم فَجَأها العُذْرُ كُتِب لها ما كان يُكْتَب لها في حالة الطُّهر،
[ هذه نقطة مهمّة جدًا ]، ثمرتُها أن يَحرص المسلم على التفصيل السابق؛ أن يشغل وقته دائمًا بالطاعة ما استطاع،
حتى إذا زادتِ الطاعةُ، فمرَّت العبادة؛ تُكتب له رغم أنه لا يَتمكَّن مِن القيام بها . انتهى كلام (سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية في (9/07/2009))
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
قال بعض فقهاء الشافعية أن الحائض يجري عليها أجر الصلاة في زمن عادتها لعموم حديث أبي موسى: إذا مرض العبد، أو سافر..؟
فأجاب :
ما هو بعيد، ظاهر الأدلة على ذلك، إذا علم الله مِنْ قلبها أنها لولا الحيض لصلت؛ لها أجر المصلين مثل : إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم،
ومثل قوله في الصحابة الذين تخلفوا يوم تبوك : ما سلكتم واديًا ولا قطعتم شعبًا إلا وهم معكم، وفي اللفظ الآخر: إلا شركوكم في الأجر، حبسهم العذر،
فإذا علم الله من قلب الحائض، والنفساء أنه ما منعها إلا هذا فيرجى لها الأجر الكامل.
س : حديث : ناقصات دين.
الشيخ :
حديث ناقصات عقل ودين ثابت، لكن ما يَمْنَع. انتهى من (فتاوى الدروس).
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
هل للحائض أن تتحرى ليلة القدر؟
الجواب :
لو تحرت ليلة القدر لم تنتفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ». والحائض لا تقوم ليلة القدر؛ لأنها ممنوعة من الصلاة،
لكن إذا دعت في تلك الليلة إذا دعت ربها عز وجل وتعلقت بفضله ورحمته أرجو ألا تخيب. انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [373]).
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق