** إذا قال المسلم عبارة "يعلم الله" أو "يشهد الله"، فإن كان صادقاً فلا حرج عليه في ذلك، أما إذا كان كاذباً، فهذا محرم شرعاً،
وإن قصد بعبارته أن الله يعلم ذلك وهو كاذب فيه، كَفر، كما أشار بعض أهل العلم.
** ومما يدل على ذلك :
عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : لا يقولن أحدكم لشيء لا يعلمه : الله يعلمه؛ والله يعلم غير ذلك، فيعلّم الله ما لا يعلم، فذاك عند الله عظيم. (صحيح الأدب المفرد-رقم : (588)).
- قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه " الأذكار " :
[ فصل ] من أقبح الألفاظ المذمومة، ما يعتاده كثيرون من الناس إذا أراد أن يحلف على شيء فيتورع عن قوله:
" والله "، كراهية الحنث، أو إجلالا لله تعالى وتصونا عن الحلف،
ثم يقول : الله يعلم ما كان كذا، أو لقد كان كذا ونحوه، وهذه العبارة فيها خطر، فإن كان صاحبها متيقنا أن الأمر كما قال فلا بأس بها،
وإن تشكك في ذلك فهو من أقبح القبائح؛ لأنه تعرض للكذب على الله تعالى، فإنه أخبر أن الله تعالى يعلم شيئا لا يتيقن كيف هو،
وفيه دقيقة أخرى أقبح من هذا، وهو أنه تعرض لوصف الله تعالى بأنه يعلم الأمر على خلاف ما هو، وذلك لو تحقق كان كفرا، فينبغي للإنسان اجتناب هذه العبارة. اهـ.
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
قول : « يعلم الله » هذه مسألة خطيرة حتى رأيتُ في كتب الحنفية أنَّ مَنْ قال عن شيءٍ : يعلمُ اللهُ، والأمر بخلافه صار كافرًا خارجًا عن الملة.
فإذا قلتَ : « يعلمُ الله أني ما فعلتُ هذا »، وأنت فاعله ؛ فمقتضى ذلك : أن الله يجهل الأمر..
« يعلمُ الله أني ما زرتُ فلانًا »، وأنت زائره؛ صار الله لا يعلم بما يقع، ومعلوم أنَّ من نفى عن الله العلم فقد كفر.
ولهذا قال الشافعي رحمه الله في القدَرية قال : « جادِلُوهم بالعلم فإنْ أنكروه كفروا وإنْ أقرُّوا به خُصِمُوا ». اهـ.
والحاصل : أن قول القائل : « يعلمُ الله » إذا قالها والأمر على خلاف ما قال فإنَّ ذلك خطيرٌ جدًّا وهو حرامٌ بلا شكٍّ.
أما إذا كان مصيبًا والأمر على وَفْق ما قال فلا بأس بذلك لأنَّه صادق في قوله ولأنَّ الله بكلِّ شيءٍ عليم،
كما قالتِ الرُّسل في سورة يس : ﴿ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾. [يـس: 16]. ينظر: («ألفاظ ومفاهيم في ميزان الشريعة» (ص 49)).
- وسئل العلامة عبد الله أبا بطين رحمه الله
عن إقسام بعض الناس بقول : الله يعلم ما فعلت كذا؟
فأجاب :
إن كان القائل صادقا في قوله فلا بأس،
وإن كان كاذبا في قوله : الله يعلم ما فعلت كذا، وهو قد فعله، أو : الله يعلم ما صار كذا، وهو قد صار؛ فهذا حرام.
ولو عرف القائل معنى قوله لكان قوله كفرا،
لأن مقتضى كلامه أن الله يعلم الأمر على غير ما هو عليه، فيكون وصفا لله بالجهل، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. ينظر: (كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية | مجلد (7)).
** الخلاصة :
قول : "يعلم الله" أو "يشهد الله أني عملت كذا" جائز إذا كان الشخص صادقاً ومتيقناً مما يقوله، ولكنه محرم إذا كان كاذباً أو غير متأكد.
على المسلم أن يحترم أسماء الله وصفاته، وأن يتجنب استخدامها في سياقات لا تليق بجلال الله.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق