القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

تعرف على حقيقة تصفيد الشياطين في رمضان

  
من خصائص شهر رمضان أنه تُصَفّدُ فيه الشياطين يَعني :

شُدَّت بالسَّلاسل ومُنِعَتْ من الوصول إلى بُغيَتِها من إفساد المسلمين بالقَدْر الذي كانت تفعله في غير رمضان .

فتصفيدها هو : أنه لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لإشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات،

وبقراءة القرآن والذكر وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين.

ودليل ذلك :

- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ. (رواه البخاري).

وفي رواية : إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن. (صحيح ابن ماجه).

 "ومَردةُ الجِنِّ" هم رُؤساءُ الشَّياطين المتجرِّدون للشَّر.

فالظاهر من الحديث أن فتْح أبواب الجنَّة في رمضان وغَلْق أبواب النار وتصفيد الشياطين محمولٌ على حقيقته وأن الشياطين مسلسلة حتى نهاية الشهر.

إليك كلام أهل العلم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

 وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ،

وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا بَلْ قَالَ : " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ؛

فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ ، فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ. انتهى من (مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/246)).

ويبيِّن لنا ذلك الإمام القرطبي رحمه الله، فيقول :

فإن قيل : كيف نرى الشرور والمعاصيَ واقعةً في رمضان كثيرًا؟! فلو صُفِّدت الشياطين لم يقع ذلك؟

 فالجواب :

1- أنها إنما تقلُّ عن الصائمين الصومَ الذي حُوفِظ على شروطه وآدابه.

2- أو المصفَّد بعض الشياطين، وهم المردةُ، لا كلهم، كما في بعض الروايات.

3- أو المقصود تقليلُ الشرور فيه، وهذا أمرٌ محسوسٌ؛ فإن وقوع ذلك فيه أقلُّ مِن غيره؛

إذ لا يلزم مِن تصفيد جميعهم ألا يقَعَ شرٌّ ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غيرَ الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية. انتهى من [فتح الباري: 4/ 114.].

وقال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي :

يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر،

وقال غيره - أي غير الحليمي : المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم.. وقوله صفدت.. أي : شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت..

قال عياض : يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين،

ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين،

قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم "فتحت أبواب الرحمة"،

قال ويحتمل أن يكون.. تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات.

قال الزين بن المنير : والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره ". انتهى من ( فتح الباري 4/114 ). 

قال بن مفلح رحمه الله :

 " الشياطين تُسلسل وتُغَلّ في رمضان على ظاهر الحديث ، أو المراد : مَرَدة الشياطين ، وكذا جزمَ به أبو حاتم بن حبَّان وغيره من أهل العلم ،

فليس في ذلك إعدام الشرِّ؛ بل قلَّة الشرّ؛ لضعفهم ،

وقد أجرى الإمام أحمد هذا على ظاهره، قال عبد الله بن الإمام أحمد : قلتُ لأبي : قد نرى المجنون يُصرَع في شهر رمضان ؟! قال : هكذا جاء الحديث ولا تكلَّم في ذلك.

فإنَّ أصل أحمد أن لا يتأوَّل من الأحاديث إلا ما تأوَّله السلف ، وما لم يتأوَّله السلف لا يتأوله ". انتهى من (كتاب "مصائب الإنسان من مكائد الشيطان" (ص 144)).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

المعاصي التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن الشياطين تصفد في رمضان، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها،

ولذلك جاء في الحديث : " تصفد فيه الشياطين، فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غيره "، وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبداً،

بل هي تتحرك، وتُضل من تضل، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيرهانتهى من (مجموع الفتاوى للعثيمين المجلد العشرون - كتاب الصيام).

الحكمة من تصفيد الشياطين في رمضان

قال ابن تيمية رحمه الله :

وما ذاك إلا لأنه في شهر رمضان تنبعث القلوب إلى الخير والأعمال الصالحة التي بها وبسببها تفتح أبواب الجنة ، ويمتنع من الشرور التي بها تفتح أبواب النار ،

وتصفد الشياطين فلا يتمكنون أن يعملوا ما يعملونه في الإفطار؛ فإن المصفد هو المقيد،

لأنهم إنما يتمكنون من بني ادم بسبب الشهوات ؛ فإذا كفوا عن الشهوات صفدت الشياطين "انتهى من "مجموع الفتاوى"(14/167) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وقيل في هذا : "إشارة إلى رفع عذر المكلف" 

كأنه يقال له : قد كفت الشياطين عنك  فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية. انتهى من (" فتح الباري" لابن حجر (4/ 114)).


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات