يجوز صيام السِّت من شوَّال أو نحوها قبل قضاء ما عليك من رمضان،
إذ لا دليل عند من قال بعدم الجواز لأن قضاء رمضان موسع فيه ويجوز فيه التراخي.
وبه قال الجُمهور من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة في رواية .
كما أن فضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من أيَّام رمضان التي أفطرها لعُذر ،
لأن من أفطر أياماً من رمضان لعذر يصدق عليه أنه صام رمضان،
فإذا صام الست من شوال قبل القضاء، حصل ما رتبه النبي صلى الله عليه وسلم من الأجر على إتباع صيام رمضان ستاً من شوال إذ لا دليل على انتفائها.
خاصة وأن المعنى الذي تدرك به الفضيلة ليس موقوفاً على الفراغ من القضاء قبل الست ،
فإن مقابلة صيام شهر رمضان لصيام عشرة أشهر حاصل بإكمال الفرض أداء وقضاء، وقد وسع الله في القضاء فقال : ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾. (البقرة: 185).
أما صيام الست من شوال فهي فضيلة تختص هذا الشهر تفوت بفواته .
وإليك الأدلة على ذلك :
1- قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾. [البقرة: 185]
فكلمة (عدة) نكرة في سياق الإثبات فتفيد الإطلاق أي : يجوز لمن كان عليه شيء من رمضان أن يقضيَه في أي وقت من العام ومن ثَمَّ فله أن يقدم صيام ست من شوال .
2- حديث عائشة رضي الله عنها : لقد كان يكون على الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان . [متفق عليه]
فاستدلوا بهذا الحديث على جواز تأخير القضاء وما كان لأمنا عائشة رضي الله عنها أن تحرم نفسها من أجر صيام ست من شوال .
3- واستدلُّوا أيضا بحديث أبي سلمة بن عبدالرحمن : أنَّه سمع عائشةَ زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم تقول : إن كان ليكون عليَّ الصيام مِن رمضان فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان . (رواه البخاري ومسلم).
قال الحافظ ابنُ حجرٍ رحمه الله :
« وفي الحديث دلالةٌ على جوازِ تأخيرِ قضاءِ رمضان مُطلقًا سواءٌ كان لعُذْرٍ أو لغير عُذرٍ،
لأنَّ الزيادة كما بيَّنَّاه مُدْرَجةٌ فلو لم تكن مرفوعةً لَكان الجوازُ مُقيَّدًا بالضرورة لأنَّ للحديث حُكْمَ الرفع
ولأنَّ الظاهر اطِّلاعُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك مع توفُّر دواعي أزواجه على السؤال منه عن أمر الشرع فلولا أنَّ ذلك كان جائزًا لم تُواظِبْ عائشةُ عليه ».. انتهى من ( فتح الباري (4/191) كتاب الصوم، باب متى يُقضى قضاء رمضان؟).
وقال ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة (جـ 1 ص 358) بعدما ذكر الروايةَ القائلة بالجواز عن الإمام أحمد:
لأنَّ عائشة أخبرت أنها كانت تَقضي رمضان في شعبان ويبعد أن لا تكون تطوَّعَتْ بيومٍ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يُقال : لا يفطر، ويُفطر حتى يُقال : لا يصوم،
وكان يصوم يوم عرفة وعاشوراء وكان يُكثر صوم الاثنين والخميس وكان يصوم ثلاثة أيام مِن كل شهر .
ولأنَّ القضاء مُؤقَّت فجاز التنفُّل قبلَ خُروج وقته كما يجوز التنفل أول وقت المكتوبة بخلاف قضاء الصلاة فإنَّه على الفور وكذلك الحج هو على الفور . انتهى.
قال ابن قدامة رحمه الله :
وروي عن أحمد أنه يجوز له التطوع لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع . ((المغني)) (3/154 - 155).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (28/76) :
وقضاء رمضان يكون على التراخي، لكن الجمهور قيدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه، بأن يهل رمضان آخر، لقول عائشة ـ رضي الله عنها :
كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، لمكان النبي صلى الله عليه وسلم، كما لا يؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية . انتهى .
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
يبدأ بما عليه، لأنه هذا أوجب عليه من صيام ست من شوال،
لكنه إن فعل أي صام ست من شوال ثم أتبع ذلك بصيام رمضان ما فيه مانع، ولكن من حيث الأفضلية يقدم الأوجب والأوجب هو القضاء ....
يجوز نعم الأفضل المسارعة لأن الله يقول (( وسارعوا إلى مغفرة ))،
لكن لو أن رجلا تيسر له صيام ست شوال ثم أتبعه بما عليه من رمضان فأدّى الفرض وأدى النفل هذا يكون أفضل ،
لكن خشية أن يفوته القضاء بسبب انشغاله بالنفل لذلك نقول نحن الأفضل تقديم ما عليه من الفرض . انتهى من (فتاوى جدة (٢٨)) .
وقال الشيخ فركوس حفظه الله :
وقد وَرَد مِنَ النصِّ القرآنيِّ ما يُفيدُ أنَّ وقت القضاء مُطلقٌ في قوله تعالى : ﴿فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: ١٨٤، ١٨٥].
حيث يدلُّ نصُّ الآية على جوازِ تأخيرِ رمضان لمَنْ أفطر مُطلقًا مِنْ غير اشتراط المبادرة بالفعل بعد أوَّل الإمكان ومُطلقيَّةُ وقت القضاء هو مذهبُ جماهير السلف والخلف.
كما يدلُّ عليه أيضًا إقرارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لفعلِ عائشة رضي الله عنها قالت : « كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ ».
قال ابنُ حجرٍ رحمه الله : « وفي الحديث دلالةٌ على جوازِ تأخيرِ قضاءِ رمضان مُطلقًا سواءٌ كان لعُذْرٍ أو لغير عُذرٍ ،
لأنَّ الزيادة كما بيَّنَّاه مُدْرَجةٌ فلو لم تكن مرفوعةً لَكان الجوازُ مُقيَّدًا بالضرورة لأنَّ للحديث حُكْمَ الرفع،
ولأنَّ الظاهر اطِّلاعُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك مع توفُّر دواعي أزواجه على السؤال منه عن أمر الشرع فلولا أنَّ ذلك كان جائزًا لم تُواظِبْ عائشةُ عليه ».
قلت : إنما جاز تأخيرُها للقضاء مع انتفاء الشكِّ في حرصها على عدم التفويت على نفسها رضي الله عنها لفضائلِ صيام النفل أثناءَ السَّنَة ،
كحرصها على العمرة حيث وَجَدَتْ في نفسها أَنْ ترجع صواحباتُها بحجٍّ وعمرةٍ مُستقِلَّين وترجع هي بعمرةٍ في ضمن حَجَّتها،
فأمَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخاها أَنْ يُعْمِرَها مِنَ التنعيم تطييبًا لقلبها.
أمَّا مِنْ جهة المعقول فإنه في باب الواجب الموسَّع إذا جاز الاشتغالُ بالتطوُّع مِنْ جنس الواجب قبل أدائه كالرواتب القبلية للصلوات المفروضة ،
فإنه يجوز في الواجب المطلق مِنْ بابٍ أَوْلى كما هو شأنُ قضاءِ رمضانَ . انتهى من "موقع الشيخ فركوس حفظه الله"
** ففضيلة صيام الست من شوال تحصل لمن صامها قبل قضاء ما عليه من أيَّام رمضان التي أفطرها لعُذر،
لأَنَّ مَنْ أفطر أيامًا من رمضان لعذر يصدق عليه أنَّه صام رمضان حكمًا،
فإذا صام الست مِن شوال قبل القضاء حصل له ما رتبه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من الأجر على إتباع صيام رمضان ستًّا من شوال إذ لا دليل على انتفائها.
- ويؤكد هذا حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيام السنة». ( «صحيح الترغيب» (١٠٠٧))؛
فإن ظاهر الحديث يدل على أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وكذلك في ستة أيام من شوال،
في كلا الحالتين يحصل ثواب صوم الدهر، سواء تخلف القضاء عن التطوع أو تقدم عليه.
وقد نقل البجيرمي في حاشيته على الخطيب (2/ 352):
بعد ذكر القول بأنَّ الثواب لا يحصل لمن قدَّم الست على القضاء، مُحتجًّا بقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : (( ثم أتبعه ستًّا من شوال )) عن بعض أهلِ العلم الجواب التالي :
" قد يقال: التبعية تشمل التقديرية؛ لأنَّه إذا صام رمضان بعدها، وقع عما قبلها تقديرًا،
أو التبَعية تشمل المتأخرة، كما في نفلِ الفرائض التابع لها؛ اهـ، فيسن صومها وإن أفطر رمضان ".
ورجح هذا القول ابن مفلح حيث قال في "الفروع"، (5/ 86) :
" يتوجه تحصيل فضيلتها لمن صامها، وقضى رمضان، وقد أفطره لعذر، ولعلَّه مرادُ الأصحاب، وما ظاهره خلافه خرج على الغالب المعتاد، والله أعلم ". انتهى.
وقال الشيخ محمد بازمول حفظه الله :
قوله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان واتبعه بست من شوال كأنما صام الدهر"؛ فيه مسائل :
الأولى : صام الدهر يعني صام سنة كاملة .
الثانية : صيام رمضان ثلاثون يوما والحسنة بعشر أمثالها فيصير صيام رمضان بثلاثمئة حسنة. وصيام الست بستين حسنة؛
فيصير المجموع ثلاثمائة وستين حسنة. وهي عدد أيام السنة.
الثالثة : الشرطية في صيام رمضان لتحقيق العدة ولإستكمال عدة الأيام لا لوقوع صيام قضاء الشهر قبل صيام ست من شوال.
فالشرط لإكمال العدة للأجر لا لوقوع قضاء صيام رمضان قبل الست من شوال.
والمعنى : من استكمل قضاء رمضان في أي وقت فقد استكمل عدة الشهر فله 300 حسنة،
فإذا صام الست من شوال فقد حصل أجرها لكل يوم عشر حسنات 10 ضرب 6 = 60
فالمجموع مع ثواب صيام الشهر 360 عدد أيام السنة.
فالشرط لاستكمال عدة الأيام لا لوقوع صيام قضاء الشهر قبل صيام ست من شوال.
وبناء عليه ليس في الحديث دلالة أنه : لا يجوز صيام الست وعليه قضاء من رمضان؛ لأن الشرطية للعدة في الحسنات وهذه تحصل ولو أجل القضاء إلى بعد شوال. وبالله التوفيق. انتهى من (صفحته الرسمية على الفيس بوك).
https://2u.pw/WjNygzUC
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق