">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الإعتقاد الخاطئ والغلو لدى الصوفية في الكرامات والخوارق


الكرامات في الإسلام حق ثابت لأولياء الله الصالحين،

لكنها ليست دليلًا على الولاية كما يعتقد الصوفية الذين غلوا في شأن الكرامات والخوارق حتى جعلوها ميزان الولاية، فوقعوا في مخالفات عقدية خطيرة خالفوا بها منهج أهل السنة والجماعة.

ما هي الكرامة في الإسلام؟


● الكرامة هي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد عبد صالح دون أن يدّعي النبوة.

● أما ما كان مقرونًا بدعوى النبوة فهو معجزة، وما كان من فاسق أو مبتدع فهو استدراج وليس كرامة.

مفهوم الكرامات والخوارق عند الصوفية.


✔ غلا الصوفية في أمر الخوارق والكرامات حتى جعلوا مجرد وقوعها دليلًا على فضل صاحبها، ولو كان فاسقًا أو جاهلًا، فهم يعتقدون أن الكرامة دليل الولاية، وأن من لم تظهر عليه كرامة فليس بولي.

★ قال الشعراني - في ترجمة محمد الغمري: " وكان سيدي أحمد لا يأذن قط لفقير لمريد أو صوفيٍ أن يجلس على سجاده إلا إن ظهرت له كرامة ". ينظر: (الطبقات الكبرى، 2/88).


◄ وهذا مخالف لمنهج أهل السنة الذين يربطون الولاية بالإيمان والتقوى لا بالخوارق.

شغف الصوفية بالخوارق والغفلة عن العلم والشرع.


 انشغل كثير من الصوفية بالخوارق، وجعلوا كل أمر غريب كرامة، حتى صار همّهم الأكبر.

✅ ومن ذلك ما رواه ابن الجوزي- عن إبراهيم الخراساني أنه قال : احتجت يوما إلى الوضوء فإذا أنا بكوز من جوهر وسواك من فضة رأسه ألين من الخز فاستكت بالسواك وتوضأت بالماء وتركتهما وانصرفت

ثم علق عليها ابن الجوزي- فقال : في هذه الحكاية من لا يوثق بروايته فإن صحت دلت على قلة علم هذا الرجل إذ لو كان يفهم الفقه علم أن استعمال السواك الفضة لا يجوز،

ولكن قلَّ علمه فاستعمله، وإن ظن أنه كرامة، والله تعالى لا يكرم بما يمنع من استعماله شرعاً. ينظر: (تلبيس إبليس، ص382).

◄ وهذا يدل على جهل كثير ممن ظنوا أن كل خارق كرامة، ولو خالف الشرع.

اختلاق الصوفية للكرامات المكذوبة ونسبة الخوارق إلى مشايخهم.


● حين جعلوا الكرامة أساس الولاية، صاروا يختلقون الأكاذيب وينسجون القصص الملفقة إلى مشايخهم.

✅ ومن ذلك ما ذكره الشعراني- عن أبي بكر البطائحي أنه : " أول من ألبسه أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخرقة ثوباً وطاقية في النوم فاستيقظ فوجدهما عليه، وكان يقول :

أخذت من ربي عز وجل عهداً أن لا تحرق النار جسداً دخل تربتي ويقال إنها ما دخلها سمك ولا لحم قط فأنضجته النار أبداً". ينظر: (الطبقات الكبرى، للشعراني، 2/132).
 
✔ وكأن الكذب بدأ فيهم من قديم فتنبه له بعض كبارهم- فقد قيل (لرابعة العدوية) : " يا عمة! لِمَ لا تأذنين للناس يدخلون عليك ؟ قالت: وما أرجو من الناس ؟ إن أتوني حكوا عني ما لم أفعل.

ثم قالت : يبلغني أنهم يقولون : إني أجد الدراهم تحت مصلاي ويطبخ لي القدر بغير نار، ولو رأيت مثل هذا فزعت منه

 قيل لها : إن الناس يكثرون فيك القول، يقولون : إن رابعة تصيب في منزلها الطعام والشراب؛ فهل تجدين شيئاً فيه؟

قالت : يا بنت أخي ! لو وجدت في منزلي شيئاً ما مسسته، ولا وضعت يدي عليه ". (انظر : تلبيس إبليس، ص 383).

غلو الصوفية في ادعاء العلم بالغيب.


● وصل غلو الصوفية في مشايخهم إلى الزعم بأنهم يعلمون الغيب؛ حيث ادعوا بأن الأولياء يعلمون كل شيء في حياتهم وبعد مماتهم، وأنهم يسمعون كل من ناداهم من قريب أو بعيد، فيقضون له طلبه!.

★ قال إبراهيم الدسوقي- في حديثه عن خصائص العارف بالله عندهم : وكذلك لهم الاطلاع على ما هو مكتوب على أوراق الشجر والماء والهواء، وما في البر والبحر،

 وما هو مكتوب على صفحة قبة خيمة السماء، وما في حياة الإنس والجان مما يقع لهم في الدنيا والآخرة، ولا يحجب من حكيم يتلقى علما من حكيم عليم. ينظر: ((جمهرة الأولياء)) (2/ 242).

الإنحرافات العملية والعلمية عند الصوفية.


● ذكر النبهاني في "جامع كرامات الأولياء" والشعراني في "الطبقات الكبرى" قصصًا غريبة لمشايخهم لا يقبلها عقل ولا نقل، ويقولون : إن هؤلاء من كبار الأقطاب!، منها:

▪️ من يقع في الفواحش ويسميها كرامة.

▪️ من ينام مع الكلاب والخنازير ويعد ذلك زهدًا.

▪️ من يدّعي علم الغيب ومعرفة ما تحت العرش.

◄ وهذه كلها من تلبيس الشيطان، لا من كرامات أولياء الرحمن.

موقف علماء أهل السنة من الكرامات والخوارق.


● الفرق بين كرامات الأولياء وبين ما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة منها : أن كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها إتيان ما نهى الله تعالى عنه ورسوله .

★ قال الإمام الشافعي رحمه الله : 


إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغتروا به، حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة. يُنظر: ((طبقات الشافعيين)) لابن كثير (ص: 32).

★ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :


وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول، مقلداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله، فإنه بنى أمره على أنه ولي الله، وأن ولي الله لا يخالف في شيء،

ولو كان هذا الرجل من أكبر أولياء الله؛ كأكابر الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، لم يقبل منه ما خالف الكتاب والسنة، فكيف إذا لم يكن كذلك؟!

وتجد كثيراً من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه وليا لله أنه قد صدر عنه مكاشفه في بعض الأمور، أو بعض التصرفات الخارقة للعادة؛ مثل :

أن يشير إلى شخص فيموت، أو يطير في الهواء إلى مكة أو غيرها، أو يمشي على الماء أحياناً، أو يملأ إبريقاً من الهواء، أو ينفق بعض الأوقات من الغيب، أو يختفي أحياناً عن أعين الناس،

أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاءه، فقضى حاجته، أو يخبر الناس بما سرق لهم، أو بحال غائب لهم أو مريض، أو نحو ذلك من الأمور،

وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي الله، بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء، أو مشى على الماء، لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله ﷺ، وموافقته لأمره ونهيه.

وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور، وهذه الأمور الخارقة للعادة -وإن كان قد يكون صاحبها وليا لله- فقد يكون عدوا لله،

فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار، والمشركين، وأهل الكتاب، والمنافقين، وتكون لأهل البدع، وتكون من الشياطين،

فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي الله، بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم، وأفعالهم، وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة،

ويعرفون بنور الإيمان والقرآن، وبحقائق الإيمان الباطنة، وشرائع الإسلام الظاهرة.. ينظر: ((الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)) (ص: 61-62).

★ قال العلامة الشوكاني رحمه الله : 


لا يجوز للولي أن يعتقد في كل ما يقع له من الواقعات والمكاشفات أن ذلك كرامة من الله سبحانه؛ فقد يكون من تلبيس الشيطان ومكره، بل الواجب عليه أن يعرض أقواله وأفعاله على الكتاب والسنة،

فإن كانت موافقة لها فهي حق وصدق وكرامة من الله سبحانه، وإن كانت مخالفة لشيء من ذلك فليعلم أنه مخدوع ممكور به، قد طمع منه الشيطان، فلبس عليهـ. يُنظر: ((ولاية الله والطريق إليها)) (ص: 234).

★ قال الشيخ ابن باز رحمه الله :


...والميزان في ذلك أن يكون مستقيما على الكتاب والسنة، لا تكون كرامة خارقة إلا إذا كان الشخص معروفا بالاستقامة على دين الله ورسوله،

أما إذا كان منحرفا عن الشريعة فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتن الشياطين. يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (2/ 193).

الخلاصة :


✔ كرامات الأولياء حق، لكنها لا تكون معيارًا للولاية، ولا تثبت إلا لمن استقام على منهج الكتاب والسنة.

✔ أما ما يرويه الصوفية من كرامات وخوارق فليس إلا من تلبيس الشيطان وغلوّ الجهال.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات