✅ يتساءل بعض الناس عن مصير أطفال المشركين الذين ماتوا صغارًا: هل يدخلون الجنة أم لا؟
وقد رجح أهل العلم – بدلالة النصوص – أنهم في الجنة برحمة الله وعدله سبحانه، وكنا قد بسطنا القول في ذلك في منشور سابق على موقعنا بعنوان:
▣▣ غير أن البعض يورد أحاديث ظاهرها تعارض ما رجحناه، وفيما يلي نذكر أبرز هذه الأحاديث مع بيان الجواب عنها:
1- حديث عائشة رضي الله عنها: «عصفور من عصافير الجنة». حيث قالت : « توفي صبي، فقلت طوبى له، عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله ﷺ : أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا ». [صحيح مسلم].
✅ الرد على هذا الحديث :
★ قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
وهذان الخبران لا حجة لهم في شيء منهما، إلا أنهما إنما قالهما رسول الله - ﷺ -قبل أن يوحى إليه أنهم في الجنة،
وقد قال تعالى آمرا لرسوله - ﷺ - أن يقول : ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ). (الأحقاف: ٩) قبل أن يخبره الله - عز وجل - بأنه قد غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر...
كما أمره الله - عز وجل - أن يقول : ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ). (الأنعام: ٥٠)، فحكم كل شيء من الدين لم يأت به الوحي أن يتوقف فيه المرء، فإذا جاء البيان فلا يحل التوقف عن القول بما جاء به النص،
وقد صح الإجماع على أن ما يعمله الأطفال قبل بلوغهم من قتل، أو وطأ أجنبية، أو شرب خمر، أو قذف، أو تعطيل صلاة، أو صوم،
فإنهم غير مؤاخذين في الآخرة بشيء من ذلك ما لم يبلغوا،... ينظر: [الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 133،132)].
2- حديث أبي هريرة: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، حيث قال : « سئل النبي - ﷺ - عن ذراري المشركين . فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ». رواه البخاري.
✅ الرد على هذا الحديث :
★ قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
... وكذلك لا خلاف في أنه لا يؤاخذ الله - عز وجل - أحدا بما لم يفعله، بل قد صح عن رسول الله - ﷺ - أن : «... من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب ». [صحيح مسلم ].
فمن المحال المنفي أن يكون الله - عز وجل - يؤاخذ الأطفال بما لم يعملوا مما لو عاشوا بعده لعملوه، وهو لا يؤاخذهم بما عملوا،
ولا يختلف اثنان في أن إنسانا بالغا مات ولو عاش لزنا أنه لا يؤاخذ بالزنا الذي لم يعمله، وقد أكذب الله - عز وجل - من ظن هذا بقوله الصادق:
( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ). (غافر: ١٧)، وبقوله تعالى : (هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ). (النمل)،
فصح أنه لا يجزى أحد بما لم يعمل ولا مما لم يسن، فصح أن قول رسول الله ﷺ : « الله أعلم بما كانوا عاملين »،
ليس فيه أنهم كفار، ولا أنهم في النار، ولا أنهم مؤاخذون بما لو عاشوا لكانوا عاملين به مما لم يعملوه بعد. ينظر: [الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 133،132)].
★ وقال العلامة النووي رحمه الله :
والجواب عن حديث : « الله أعلم بما كانوا عاملين » : أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار،
وحقيقة لفظه : والله أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا ولم يبلغوا؛ إذ التكليف لا يكون إلا بالبلوغ. ينظر: [شرح صحيح مسلم (9/ 3777)].
3- حديث الغلام الذي قتله الخضر: والذي فيه أن رسول الله ﷺ قال : « إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا، ولو عاش لأرهق والديه طغيانا وكفرا ». رواه مسلم.
✅ الرد على هذا الحديث :
● معنى قوله : « وأما الغلام فطبع يوم طبع كافرا ». فهو ليس كافرا في تلك اللحظة، ولو كبر لكان كافرا، أما وهو صغير فهو على الفطرة لم يبلغ الحنث كما قال موسى - عليه السلام.
★ قال الإمام النووي - معلقا على هذا الحديث :
وأما غلام الخضر فيجب تأويله قطعا ؛ لأن أبويه كانا مؤمنين، فيكون هو مسلما،
فيتأول على أن معناه : أن الله أعلم أنه لو بلغ لكان كافرا، لا أنه كافر في الحال: ولا يجري عليه في الحال أحكام الكفار. ينظر: [ شرح صحيح مسلم (9/ 3777)].
✔ فهذا هو الفهم الصحيح لنصوص السنة النبوية وحقائق الشرع الحكيم فلا يمكن بحال أن تتعارض نصوصه أو تتناقض أقواله .
الأسئلة الشائعة حول اعتراضات دخول أطفال المشركين الجنة – والرد عليها:
هل أطفال المشركين في الجنة؟
◄ الراجح عند أهل العلم أنهم في الجنة برحمة الله وعدله، ولا يُعذّبهم الله بما لم يعملوا.
ما معنى حديث النبي ﷺ: «الله أعلم بما كانوا عاملين»؟
◄ المقصود أن الله وحده يعلم ما كان سيؤول إليه حالهم لو بلغوا، وليس فيه أنهم يُعذَّبون أو يدخلون النار.
هل حديث «عصفور من عصافير الجنة» يتعارض مع القول بدخولهم الجنة؟
◄ لا تعارض، لأن النبي ﷺ قاله قبل أن يوحى إليه بحكم مصير أطفال المشركين، ثم جاء البيان بعد ذلك.
ماذا عن الغلام الذي قتله الخضر؟
◄ المعنى أنه لو كبر لكان كافرًا، أما وهو صغير فلم يكن كافرًا ولا تجري عليه أحكام الكفار.
.webp)
تعليقات
إرسال تعليق