✅ إذا كنت تتساءل : "هل يجوز أكل لحم الجزار المسيحي؟" أو تبحث عن حكم أكل الذبيحة من أهل الكتاب، فإليك الجواب الشرعي المفصّل من القرآن الكريم وأقوال العلماء.
▣▣ ما حكم أكل لحم أهل الكتاب (اليهود والنصارى)؟
ذبيحة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) حلال، ولكن بشرطين :
✔ الشرط الأول : الذبح على الطريقة الشرعية.
أن يكون الذبح بقطع الحلقوم والمريء وإنهار الدم، وليس بالقتل بالخنق أو الصعق أو الغرق.
◄ المخالفة هنا لا تحل الذبيحة، سواء كان الذابح مسلمًا أو كتابيًا.
✔ الشرط الثاني : عدم ذكر اسم غير الله على الذبيحة.
يجب ألا يُذكر على الذبيحة اسم غير الله كـ"المسيح"أو "الثالوث"؛ لأن الله تعالى يقول: "ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه". [الأنعام: 121]. "وما أُهِلّ لغير الله به". [البقرة: 173].
★ قال العلامة الشنقيطي رحمه الله : كانوا إذا ذَبَحوا لغيرِ الله رفَعوا أصواتَهم باسمِ الأصنامِ، فصار يُطلقُ على كلِّ ما ذُبِحَ لغيرِ الله : «أُهِلَّ لغيرِ الله به». ينظر: ((العذب النمير)) (2/380).
▣▣ هل يلزم السؤال عن كيفية الذبح؟ وهل سمى عليها أم لا؟
لا، فإذا ذبح المسلم أو الكتابي ذبيحة ، ولم يُدر أذكر اسم الله عليها أم لا ، فيجوز الأكل منها ، ويسمي من أكل ولا يلزم أن نسأل هل سمى او كيف ذبح ؛ فإن هذا من التنطع.
🌍 لما روى البخاري (2057) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ( سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ ) .
▣▣ ماذا عن اللحوم المستوردة من بلاد غير إسلامية أو كان يعيش فيها؟
✅ إذا كانت من بلاد أهل الكتاب (كالدول الأوروبية وأمريكا):
◄ حلال، ما لم يثبت أنها صُعقت أو ذُبحت على غير الطريقة الشرعية.
✅ إذا كانت من بلاد وثنية أو شيوعية (كالصين أو دول لا تدين باليهودية أو النصرانية):
◄ حرام، لأنهم ليسوا من أهل الكتاب.
▣▣ أدلة شرعية تدعم حل ذبيحة أهل الكتاب:
1- قوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم. [المائدة: 5].
✔ وجه الدلالة : أن الآية نص عام في حل ذبائح أهل الكتاب، ولم يقيدها بحضور مسلم أو عدم حضوره. ينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (2/213).
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( قالوا : يا رسول الله، إن هاهنا أقواما حديث عهدهم بشرك، يأتونا بلحمان لا ندري يذكرون اسم الله عليها أم لا، قال : اذكروا أنتم اسم الله، وكلوا )). (أخرجه البخاري (7398).
▣▣ أقوال العلماء في حكم ذبيحة أهل الكتاب:
★ قال الإمام ابنُ حزمٍ رحمه الله:
وقد رُوِّينا عن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وعائشةَ أمِّ المؤمنين، وأبي الدرداء، وعبدِ الله بن يزيد، وابن عباس، والعِرباضِ بنِ سارية : وأبي أُمامة، وعُبادة بنِ الصَّامت، وابن عمر:
إباحةُ ما ذبَحَه أهلُ الكتاب دونَ اشتراطٍ لِما يستَحِلُّونَه مِمَّا لا يستَحِلُّونَه.
وكذلك عن جمهورِ التَّابعينَ، كإبراهيم النَّخَعي، وجُبَير بن نفير، وأبي مسلم الخَوْلاني، وضَمرة بن حبيب، والقاسم بن مخيمرة، ومكحول، وسعيدِ بنِ المسَيِّب، ومجاهد،
وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والحسن، وابنِ سيرين، والحارثِ العكلي، وعطاءٍ، والشعبي، ومحمد بن علي بن الحسين، وطاوس، وعمرو بن الأسود، وحماد بن أبي سليمان، وغيرهم. ينظر: ((المحلى)) (6/146).
★ قال في "كشاف القناع" (6/ 209):
(وإن ذبح الكتابي باسم المسيح أو غيره لم تبح) الذبيحة، لقوله تعالى : وما أهل لغير الله به. [المائدة: 3] .
(وإذا لم يُعلم: أسمى الذابح أم لا، أو) لم يُعلم (أذكر اسم غير الله أم لا؟ فـ) فالذبيحة (حلال)،
لحديث عائشة : قالوا يا رسول الله إن قوما حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم، لا ندري أذكروا اسم الله، أم لم يذكروا؟ فقال : سموا أنتم وكلوا. رواه البخاري. انتهى.
★ قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
قال الله سبحانه : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ. الآية. [المائدة: 5].
هذه الآية أوضحت لنا أن طعام أهل الكتاب مباح لنا -وهم اليهود والنصارى- إلا إذا علمنا أنهم ذبحوا الحيوان المباح على غير الوجه الشرعي،
كأن يذبحوه بالخنق أو الكهرباء أو ضرب الرأس ونحو ذلك، فإنه بذلك يكون منخنقًا أو موقوذًا؛ فيحرم علينا، كما تحرم علينا المنخنقة والموقوذة التي ذبحها مسلم على هذا الوجه.
أما إذا لم نعلم الواقع، فذبيحتهم حلٌ لنا عملًا بالآية الكريمة، وإليكم جوابًا قد صدر منا بالموضوع للاستفادة منه.
أما كونهم لا يذكرون اسم الله على الذبيحة، فهذا من جملة جهلهم، فلا يمنع حل ذبيحتهم، كالمسلم إذا نسي التسمية، أو جهل حكمها عند الذبح؛
لقول الله سبحانه : رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا. [البقرة: 286]، وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه لما تلا هذه الآية قال: قال الله: قد فعلت... ينظر: (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 7/ 23).
★ وقال أيضا رحمه الله :
إذا كانت اللحوم المذكورة مستوردة من بلاد أهل الكتاب حل أكلها، ما لم تعلم ما يدل على حرمتها؛
لقول الله: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ. الآية. [المائدة: 5].
وكون بعض المجازر في بعض بلاد أهل الكتاب تذبح ذبحًا غير شرعي، لا يوجب ذلك تحريم الذبائح المستوردة من بلاد أهل الكتاب،
حتى تعلم أن تلك الذبيحة المعينة من المجزرة التي تذبح ذبحًا غير شرعي؛ لأن الأصل الحل والسلامة حتى تعلم ما يقتضي خلاف ذلك. ينظر: (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 18/ 23).
★ قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
الذبيحة لا تحل إلا إذا كان الذابح مسلماً أو كتابياً وهو اليهودي والنصراني؛
لقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾، وطعام الذين أوتوا الكتاب هو ذبائحهم، كما فسره بذلك ابن عباس رضي الله عنهما.
وأما المرتدون وسائر الكفار غير اليهود والنصارى فإن ذبيحتهم لا تحل، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم،
والمسلم أو الكتابي -وهو اليهودي والنصراني- إذا ذبح الذبيحة حلت وإن كنا لا ندري هل ذكر اسم الله عليها أم لا؟
ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: «أن قوماً جاءوا إلى النبي ﷺ فقالوا : يا رسول الله! إن أقواماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال النبي ﷺ: سموا أنتم وكلوا، قالت : وكانوا حديثي عهد بكفر».
◄ فهنا أحل النبي ﷺ ذبيحة هؤلاء الذين لا يدرى أذكروا اسم الله على ذبائحهم أم لا؛
لأن فعل الغير إذا كان صادراً من أهله فإنه لا يسأل عن كيفية فعله ولا عن شروطه ولا عن موانعه؛ لأن الأصل الصحة إلا أن يقوم دليل الفساد.
◄ وكذلك أيضاً : لا نسأل عن ذبيحة المسلم واليهودي والنصراني كيف ذبحها، بل نأكل ولا نسأل كيف ذبحها ولا نسأل هل سمى أم لا؛ لأن النبي ﷺ أكل من ذبائح اليهود، ولم يسألهم كيف ذبحوا.
والقاعدة التي أشرنا إليها قبل قليل مفيدة جداً، وهي : أن الأصل فيمن هو أهل للفعل أن فعله الأصل فيه الصحة حتى يقوم دليل على الفساد،
ولو أننا ألزمنا المسلمين بأن يسألوا عن فعل الفاعل هل تمت شروطه وانتفت موانعه لألحقنا حرجاً كثيراً بالمسلمين.. ينظر: (فتـاوي نـور على الدرب - للعثيمـين [ الشريط رقم 170 ]).
▣▣ أسئلة شائعة :
❓ هل يجوز الأكل من سوبرماركت في دولة غير إسلامية؟
✔ نعم، إذا كانت الذبيحة من أهل الكتاب ولم يُعلم أنها ذبحت بطريقة محرّمة.
❓ ماذا لو ذكر النصراني "باسم الرب" عند الذبح؟
✔ واذا قال النصراني (باسم الرب)، فإنه يحتمل أن يريد بالرب عيسى عليه السلام، لكن هذا لا يمنع من حل ذبيحته؛ لأنه لم يسمِّ غير الله في الظاهر.
فالعمل هنا على الأصل الذي قدمناه، وهو حل ذبيحة الكتابي ما لم يسم اسم غير الله على الذبيحة.
والله اعلم
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق