الذنوب هي خطايا يرتكبها الإنسان عمدًا أو سهوًا، وتُعدّ من أعظم أعداء النفس البشرية.
* أمثلة على ما فعلته الذنوب بالناس عبر التاريخ:
(وباء الغلاء عبر التاريخ)
1- قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (11/81) حوادث سنة 281ھ :
غلت الأسعار جدًّا. وجهد الناس حتى أكل بعضهم بعضــاً. فكان الرجل يأكل ابنه وابنته. فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى.
2- وقال في (11/241) حوادث سنة334ھ :
وقع غلاء شديد ببغداد حتى أكلوا الميتة والسنانير والكلاب. وكان من الناس من يسرق الأولاد فيشوويهم ويأكلهم. انتهى.
3- وقال في (12/89) حوادث سنة449ھ :
أكل الناس الجيف والنتن من قلة الطعام. ووجد مع امراءة فخذ كلب قد اخضرَّ. وشوى رجل صبية في الأتون وأكلها.
وسقط طائر ميت من حائط فاحتوشه خمسة أنفس فاقتسموه وأكلوه. ووقع وباء بالأهواز وبواط وأعمالها وغيرها.
حتى طبق البلاد وكان أكثر سبب ذلك الجوع. كان الفقراء يشوون الكلاب وينبشون الموتى ويأكلونهم. انتهى.
4- وقال في (12/121) حوادث سنة462ھ :
ضاقت النفقة على أمير مكة فأخذ الذهب من أستار الكعبة والميزاب وباب الكعبة فضرب ذلك دراهم ودنانير.
وكذا فعل صاحب المدينة بالقناديل في المسجد النبوي. وفيها كان غلاء شديد بمصر فأكلوا الجيف والميتات والكلاب.
فكان يباع الكلب بخمسة دنانير. وماتت الفيلة فأكلت ميتاتها. وأفنيت الدواب فلم يبق لصاحب مصر سوى ثلاثة أفراس.
بعد أن كان له العدد الكثير من الخيل والدواب. ونزل الوزير يوماً عن بغلته فغفل الغلام عنها لضعفه من الجوع،
فأخذها ثلاثة نفر فذبحوها وأكلوها، فأخذوا وصلبوا فما أصبحوا إلا وعظامهم بادية قد أخذ الناس لحومهم فأكلوها.
وظُهر على رجل يقتل الصبيان والنساء ويدفن رءوسهم وأطرافهم ويبيع لحومهم فقُتل وأُكل لحمه.
وكانت الأعراب يقدمون بالطعام يبيعونه في ظاهر البلد لا يتجاسرون يدخلون لئلا يخطف وينهب منهم،
وكان لا يجسر أحد أن يدفن ميته نهاراً وإنما يدفنه ليلاً خفية لئلا يُنبش فيؤكل. انتهى.
5- وقال في (14/98) حوادث سنة718ھ:
وصلت الأخبار في المحرم من بلاد الجزيرة وبلاد الشرق سنجار والموصل وماردين وتلك النواحي،
بغلاء عظيم وفناء شديد وقلة الأمطار وخوف التتار وعدم الأقوات وغلاء الأسعار وقلة النفقات وزوال النعم وحلول النقم،
بحيث أنهم أكلوا ما وجدوه من الجمادات والحيوانات والميتات وباعوا حتــى أولادهم وأهاليهم،
فبيع الولد بخمسين درهما وأقل من ذلك حتى إن كثيراً كانوا لا يشترون من أولاد المسلمين.
وكانت المرأة تصرح بأنها نصرانية ليُشترى منها ولدها لتنتفع بثمنه ويحصل له من يطعمه فيعيش وتأمن عليه من الهلاك. فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلامه رحمه الله.
* فالذنوب لها آثارٌ سلبيةٌ على الإنسان،
ولذلك يجب على كلّ مسلمٍ أن يُحافظ على نفسه من الوقوع في المعاصي، وأن يُسارع إلى التوبة من ذنوبه إذا وقع فيها،
وقد كان السلف يَنظرون إلى الأسباب الحقيقية ولا يشتغلون بظواهر الأمور عن حقائقها وبواطنها، ومن ذلك :
- قد كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : تُصدع فتضع يدها على رأسها وتقول : بذنبي وما يغفره الله أكثر .
أي أنها ما تُصاب إلا بسبب ذنبها . وهي بذلك تُشير إلى قوله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ). انتهى من (كتاب مختصر تاريخ دمشق- لابن منظور).
- وحَـدّث عبيد الله بن السرى قال : قال ابن سيرين : إني لأعرف الذنب الذي حُمل به عليّ الدَّين ما هو. قلت : لرجل منذ أربعين سنة : يامفلس!.
قال عبيد الله : فحدثتُ به أبا سليمان الداراني فقال : قَـلّـت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ، وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندرى من أين نؤتى !. انتهى من (من كتاب صفوة الصفوة- لابن الجوزى).
- قال الفضيل بن عياض : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلق حماري وخادمي . انتهى من (كتاب البداية والنهاية(10/215).
- وهذا الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله : لما أغلظ له رجل في القول دخل بيتاً فعفّـر وجهه ،ثم خرج إلى الرجل.
فقال : زد وكيعاً بذنبه ، فلولاه ما سلطت عليه .أي : لولا ذنوبي لما سُلّطت عليّ تُغلظ لي القول. انتهى من (كتاب صفوة الصفوة- لابن الجوزى).
* فكم نحن بحاجة إلى تلك النظرة الفاحصة التي ننظر بها إلى ذنوبنا قبل كل شيء،
فإذا وقعت مصيبة أو نزلت نازلة أو ساءت أخلاق من يتعامل معنا من أهلٍ وأصحاب وجيران.
اقرأ أيضا : هل ارتفاع الأسعار وانخفاضها بيد الله أم لا؟
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق