الحجامة والتبرع بالدم من الأمور التي تثير تساؤلات كثيرة خلال شهر رمضان، خاصة في ظل الحاجة إلى توضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بهما.
▣ في هذا المنشور نستعرض حكم الحجامة والتبرع بالدم أثناء الصيام، مع الأدلة الشرعية وأقوال الفقهاء.
▣▣ هل الحجامة والتبرع بالدم يبطلان الصيام؟
بحسب جمهور العلماء، فإن الحجامة والتبرع بالدم لا يفطران الصائم،
ولكن يكره للصائم أن يحتجم أو يتبرع بالدم إذا كان ذلك سيضعفه ويؤثر على قدرته على الصيام.
▣ ويُلحَق بالحجامة الشرط والفصد الذي يخرج منه دم كثير، وكذا إخراج الدم الكثير بالإبر كتبرع لمريض،
فكل ذلك لا يفطّر على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن الأصل البراءة الأصلية، إلا إذا دل الدليل على كونه مفطر، ولا دليل على ذلك.
▣ وهو مذهب جمهور العلماء، ومنهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأم سلمة رضي الله عنهم.
▣▣ ما هي الحجامة؟
الجواب : هي عبارة عن تشريط في جلد الإنسان في مواضع معينة يشفط بها الدم الفاسد من هذا الموضع للتداوي.
▣▣ أدلة جواز الحجامة والتبرع بالدم في الصيام:
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صَائِمٌ. (رواه البخاري (1938) واللفظ له).
▣ ظاهر الحديث : أنه ﷺ وقع منه الأمران المذكوران مفترقين وهذا لا مانع.
2 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل : هل كنتم تكرهون الحجامة؟ فقال : لا إلا من أجل الضعف. (رواه البخاري (1940)).
3 - عن عبدالرحمن بن أبي ليلى : قال رجل من أصحاب النبي ﷺ - أن رسول الله - ﷺ - نَهَى عن الحجامة والمواصلة، ولم يحرِّمهما؛ إبقاءً على أصحابه..(صحيح أبي داود).
▣ والنَّهيَ عنهما فى هذا الحديث : كان مِن أَجلِ الرَّحمةِ والشَّفقةِ بهم من الخوف على ضعفهم، ولم يَكُن النَّهي نَهْي تحريم .
▣▣ آثار عن الصحابة والتابعين:
▣ قال ابن عباس رضى الله عنهما : إنَّما الفِطْرُ ممَّا دَخَلَ وليس ممَّا خَرَجَ. (المجموع للنووي-رقم : 6/317 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ).
▣ وعن أم علقمة قالت : " كنا نحتجم عند عائشة ونحن صيام وبنو أخي عائشة فلا تنهاهم ". وصله البخاري في " تاريخه ".
▣ وعن الزهري : كان ابن عمر يحتجم وهو صائم في رمضان وغيره ثم تركه لأجل الضعف. (الحديث وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، هكذا ذكره الحافظ في الفتح).
▣ عن أبي المتوكّل الناجي : أنّه سأل أبا سعيد الخدري عن الصائم يحتجم فقال : نعم لا بأس به. (صحح سنده الألبانى فى الارواء)، وانظر: "صحيح ابن خزيمة" (3/ 235) برقم (1979 و 1980 و 1982).
▣▣ رأي الفقهاء في الحجامة والتبرع بالدم للصائم:
- قال الإمام الشافعي رحمه الله :
ومع حديث ابن عباس القياس ؛ أن ليس الفطر من شيء يخرج من جسده إلا أن يخرج الصائم من جوفه متقيأ ،
وأن الرجل قد يقبل وهو متلذذ فلا يبطل صومه ، ويعرق ويتوضأ ويخرج منه الخلاء والريح والبول ويغتسل ويتنور فلا يبطل صومه ،
وإنما يفطر من إدخال شئٍ البدن ، أو التلذذ بالجماع أو التقيؤ ، فيكون على هذا إخراج شيء من جوفه كما عمد إدخاله فيه قال :
والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله والتابعين وعامة المدنيين أنه : لا يفطر أحد بالحجامة. ينظر: ["الأم"(2/119)].
تعليقات
إرسال تعليق