">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عدم مشروعية الدرس قبل صلاة الجمعة


 لا يجوز إلقاء الدرس قبل صلاة الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة ولم يكن هذا من عمل السلف الصالح لذا هذا العمل  أقرب إلى البدعة فلا إجتهاد فى مورد النص .

و أما كونه بدعة فلأن هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  وهو صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تبليغ الرسالة ولم يحصل وذلك لأنه سوف يحصل للناس التذكير والموعظة في الخطبة المشروعة التي ستكون عند حضور الإمام كما أنه مُصادِمًا لنهيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن التحلُّق يومَ الجمعة فكل فعل لم يعمل به مع قيام المقتضى لفعله زمن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يفعل ففعله بدعة .

والدليل :

1- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة. صحيح الجامع

ففي هذا الحديث نص صريح في النهي عن التحلُّق قبل الصلاة يوم الجمعة فلا عبرة بمن خالف نهى النبي لقول كائن من كان .

قال الإمام البغوي رحمه الله في "شرح السنة" (3/374) :

 " وفي الحديث كراهية التحلُّق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة ثم لا بأس بالاجتماع والتحلُّق بعد الصلاة في المسجد وغيره " .اه

2- عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن أبي مالك القرضي : أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون، قال ثعلبة: جلسنا نتحدث، فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب، أنصتنا فلم يتكلم منا أحد .  صححه النووي في ((الخلاصة)) (2/808).

3- عن نافع قال : كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .((صحيح سنن أبي داود)) (1128).

وفى هذين الأثرين دليل واضح على انه لم يكن من هدى الصحابة رضوان الله عليهم الإجتماع للدرس قبل الخطبة وانما كانوا يصلون .

 قال ابن تيمية رحمه الله :

المأثور عن الصحابة 

كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر فمنهم من يصلي عشر ركعات ومنهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة ومنهم من يصلي ثمان ركعات ومنهم من يصلي أقل من ذلك .اه  (مجموع الفتاوى 189/24)

  سئل الشيخ الألباني رحمه الله :

عن حكم الإجتماع للدرس يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة ؟

فأجاب :

 هذا لم يكن من عمل السلف الصالح - رضي الله عنهم - ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فمن المعلوم لدى علماء المسلمين قاطبة أن هناك أحاديث صحيحة تأمر المسلمين بالتبكير للحضور إلى المسجد الجامع يوم الجمعة كمثل قوله عليه الصلاة والسلام :" من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة وهكذا حتى ذكر الكبش والدجاجة والبيضة".

 ومما لا شك فيه أن حض النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على التبكير في الرواح يوم الجمعة إلى المسجد الجامع ليس هو لسماع الدرس وإلقائه وإنما هو للتفرغ في هذا اليوم لعبادة الله - عز وجل – ولذكـره ، وتلاوة كتابه ، وبخاصة منه سورة الكـهف ، والجلوس للصـلاة على النبـي - صلى الله عليه وسلم - تحقيقاً لقوله في الحديث الصحيح و المروي في السنن وغيرها ألا وهو قوله - عليه السلام - " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم تبلغني " قالوا : كيف ذلك وقد أرمت ؟ قال : " إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ".

و قد ثبت أيضاً في أحاديث كثيرة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت تطبيق الصحابة لتلك الأحاديث هو أن أحدهم كان يأتي إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ما بدا له إيماناً وتحقيقاً لقوله - عليه السلام - " من غسل يوم الجمعة و اغتسل و بكر و ابتكر ثم صلى ما بدا له – و في رواية : ما كتب الله له - غفر له ما بينه و بين الجمعة التي تليها " . فهذه هي وظائف الجمعة لكل مسلم يأتي يوم الجمعة.

 فإذا انتصب المدرس يوم الجمعة كما هو مشاهد في بعض البلاد العربية اليوم فهو يصد الناس عن كل هذه العبادات و الطاعات بسبب تشويشه على هؤلاء الآتين للمسجد و الذين أقل ما يفعله أحدهم أن يصلي ركعتين تحية المسجد يوم الجمعة ، فحينئذ يكون هذا المدرس مشوشاً و مبدّداً للقائمين بمثل هذه الصلاة التي لا بد منها وهما ركعتا تحية المسجد فضلاً عمن أراد أن يتطوع بأكثر من ركعتين كما سبق الإشارة لحديث الرسول - عليه السلام - في قوله : " ثم صلى ما بدا له - أو - كتب الله له ". 

و قد ثبت عن بعض الصحابة كابن مسعود وغيره بأنهم كانوا يصلون أربعاً ، ستاً ، و ثمانياً ، فهؤلاء كيف يصلون إذا أرادوا أن يحيوا هذه السنة التي أماتها الناس ، وهناك صوت المدرس يلعلع و يشوش على هؤلاء المتعبدين و المصلين و قد جاء في الحديث الصحيح قوله - عليه السلام -« يا أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة ».

فلا يجوز إذاً لهذا المدرس أن ينتصب للتدريس في هذا المكان الذي خص لعبادة الله - عز وجل - بشتى أنواع العبادات كما سبق الإشارة إليها. 

لذلك نقول : لا يجوز التدريس يوم الجمعة لأنه لم يكن أولاً في عهد السلف الصالح ولأنه يشوش على الناس في طاعتهم و عبادتهم  ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم - نهى عن التحلق يوم الجمعة ، و هذا ما عندي و الله أعلم .

وحول سؤال عن حكم هذا المدرس هل هو آثم أم لا ؟

أجاب الشيخ الألباني رحمه الله :

 معلوم هذا ( أي : إثمه !!!) من حديث : " لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " أو كما جاء في الحديث بزيادة مهمة جداً :" لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة فتؤذوا المؤمنين ".

 والإيذاء بلا شك محرم بنص القرآن والإيذاء هنا بسبب التشويش فلا يصح التدريس إن كان أحد يريد أن يدرس فبعد الصلاة حيث يتفرغ الناس لسماع من شاء منهم و من شاء القضاء. 

 أما أن ينتصب المدرس قبل صلاة الجمعة فيفرض نفسه على الناس فرضاً و فيهم المصلي و التالي و الذاكر فهذا هو الإيذاء للمؤمنين فلا يجوز .اهـ (من كتاب " اللمعة في حكم الإجتماع للدرس قبل صلاة الجمعة ")

وسئل أيضا رحمه الله :

 يا شيخ حديث : ( نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلق قبل الصلاة أو قبل صلاة الجمعة ) ، هل يعني هذا الحديث صحيح ؟

فأجاب :

 آه التحلق نعم ، إي هذا حديث بالتعبير الحديثي : حسن  لأنه من رواية عمر بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حجة هذا أولا ،

 وثانيا : لو لم يكن مثل هذا الحديث موجودا أصلا ، إنه أمر محدث ، لم يكن في عهد الرسول عليه السلام ، ولم يكن في عهد السلف الصالح ، بل هو منافي لآداب القادمين إلى المسجد يوم الجمعة ، فأنتم تعلمون الأحاديث التي تحضّ المسلم بمثل قوله عليه السلام : ( من غسّل واغتسل وبكّر وابتكر ودنا من الإمام ثم استمع إلا غفر الله له ما بينه وبين الجمعة التي تليها ) ، أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، نعم ؟ فيه أحاديث كثيرة ، الشاهد أن أدب الداخل إلى المسجد ، فاتني أن أذكر اللفظة التي تناسبنا : ( ثم صلى ما كتب الله له ) إلى آخر الحديث ،

 فإقامة الحلقات هذه يوم الجمعة ينافي هذا الأدب الذي كان عليه السلف الصالح انطلاقا منهم أو عملا منهم بمثل هذه الأحاديث ، نحن نعرف عن عبدالله بن مسعود وعن عبدالله بن عمر أنهما كانا إذا دخلا المسجد يوم الجماعة صليا وأطالا الصلاة ، حتى يروى عن ابن مسعود أنه كان يصلي ثمان ركعات ، إي هذا تطبيق لقوله عليه السلام : ( ثم صلى ما كتب الله له ) ،

 وهذا يعني أن الداخل إلى المسجد يوم الجمعة ليس له سنة رتيبة هي ركعتان أو أربع ركعات ، وإنما يصلي ما كتب الله له ، 

فإذا كانت الحلقة قائمة والمدّرس يدّرس ، كيف يستطيع هؤلاء الداخلون إلى المسجد على الأقل أن يصلوا تحية المسجد ؟ّ! 

فكيف اللي بده يصلي تطوعا كمثل ما ذكرنا عن ابن مسعود وعن ابن عمر الحديث إذاً حسن الإسناد ، صحيح المعنى ، لأن هالتحلق يفسد المنهج الذي وضعه الرسول عليه السلام للقادمين إلى المسجد يوم الجمعة .اه

وقال الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله :

 فلا يجوز قبل صلاة الجمعة التحلُّق، سواءٌ كان وعظًا أو تدريسًا، وكون إنسان يقوم أو يجلس على كرسي، ويعِظ الناس أو يدرس الناس، والناس يلتفون حوله، ويتجهون إليه، ويصغون إليه - داخلٌ في النهي عن التحلق يوم الجمعة، والقراءة قبل صلاة الجمعة بصوت يسمعه الآخرون من الأمور المحدثة،

وإنما كل إنسان يقرأ لنفسه، وقراءة رجُل بصوت مرتفع لا تمكِّن الآخرين من قراءة القرآن، ويشغل من يريد الصلاة؛ لأن هذه القراءة - كما يوجد في بعض البلدان - قد تكون بمكبِّر صوت، والتحلق بعد صلاة الفجر يوم الجمعة الذي يظهر لي أنه داخل تحت هذا العموم، فإن ما بعد الفجر كله يعتبر قبل الصلاة، وكل ذلك يدخل تحت هذا العموم، وينطبق عليه أنه تحلق يوم الجمعة قبل الصلاة .اه ( شرح سنن أبي داود للعباد (163/13)).

وسئل أيضا حفظه الله :

عن حكم عقد درس في عصر يوم الجمعة

فأجاب بقوله :

التحلق قبل الجمعة هو الذي جاء فيه النهي، وأما بعد ذلك فلا نعلم شيئاً يدل على المنع منه. اه (شرح سنن أبي داود (328/36))

أما من قال بجواز ذلك

فأصح شيئ يحتجون به هو أثر أبي هريرة رضي الله عنه , عن محمد بن هلال عن أبيه قال : كان أبو هريرة يحدثنا يوم الجمعة حتى يخرج الإمام .( مصنف ابن أبي شيبة ). واحتجوا باثار أخرى ضعيفة ليس لهم فيها حجة وبردود وتأويلات غريبة ليس عليها دليل إلا أوهام فى أوهام . ففعل الصحابي هنا قد خالف نصا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعتد به.

سئل الشيخ الألبانى عن ذلك :

هناك من يحتج بالأثر المصحح إسناده عن أبي هريرة أنه كان يأخذ برمانتي شجرة ...

الشيخ : 

ليس فيه حجة, كيف يحتج بأثر يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

السائل : 

هم يقولون هو لا يخالفها, وإنما يبين أن المقصود بالحلق, أي التحلق حلقات حلقا؟

الشيخ :

 معليش يا أخي هم يقولون قل أنت,هم يقولون كذا فقل أنت عليهم كذا, قل الذي سمعته كيف يوفق بين هذا القول, دعك والتحلق, الآن بحثنا ليس التحلق, كويس, هم يفسرون النهي عن التحلق بماذا؟

السائل : بفعل الحلقة.

الشيخ :

 أليس هكذا؟ إذا سنجتمع هيك, والشيخ يقوم يلقي الدرس صح؟ زال التحلق المزعوم بدعواهم؟.

السائل : نعم.

الشيخ : 

والاعتراضات التي أوردناها آنفا شو صار فيها؟

السائل : تبقى قائمة.

الشيخ :

 طيب لماذا أنت أبقيت هذا الإشكال قائما؟

سائل آخر : 

بعضهم احتج طبعا, ممن يحتج بعدم الدرس, أي عدم التدريس هو أن الذي روى هذا الحديث هو عمرو بن عبد الله بن عمرو بن العاص وهو ... عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.؟؟؟؟؟ : هو نفسه. وهو سكن مصر فلعل هذا الأثر أو هذه السنة لم تبلغ الصحابة الذين درسوا في المدينة, وأتى بشاهد له من صحيح مسلم أن ابن عمر كان يكري الزراعة في زمن الرسول وأبي بكر وعمر حتى جاءه الأمر من رافع بن خديج أن الرسول نهى عن ذلك فانتهى, فهل هذا الوجه مناسب أو غير مناسب؟

الشيخ : 

شو بيهمنا هذا يا أخي, شو فائدة هذا الكلام كله, شوا ينبنى عليه؟

السائل :

 انبنى عليه أنه إذا بلغ أبا هريرة النهي, فكيف يفعل هذا؟

الشيخ :

 شو عرفك أنه بلغه النهي؟

السائل : أنا بقول مثلا.

الشيخ :

 طيب, وأنا بقول معك, لكن هذا التوجيه اللي عم بتوجه يؤكد لك أنه ما بلغه؟ لا الأصل أن الصحابي ما بخالف الحديث, وأنا قلت مرة بعد أن درست سند هذا الأثر ممكن أن أبا هريرة فعل هذا لأمور عارضة, كما نقول بالنسبة للدعاء في خطبة الجمعة, لا يشرع, لكن لأمر عارض يشرع, لكن ما عندنا أن أبا هريرة كان كل جمعة, كل جمعة, حياته كلها, ما في عندنا . اه

وقال أيضا رحمه الله :

نعود الآن إلى أثر أبي هريرة

 أولا : نقول ليس في النص ما يُشْعِر فضلا عن أن يكون فيه ما يدل على أن أبا هريرة جعل ذلك دَيْدَنُه وهَدْيُه كما يقال، أي كما أن الخطباء يخطبون يوم الجمعة، وكما أن المدرسين اليوم يدرسون يوم الجمعة قبل الصلاة، ليس في الأثر ما يَدُل على أن أبا هريرة كان جعل ذلك عادةً له.

بل وهذا هو الذي يغلب على ظني أنه كان يفعل ذلك؛ لأنه يرى حاجة ليعظ الناس في هذا الوقت؛ لأن العالم كما أنتم ترون اليوم مثلا خطيبنا أبي مالك جزاه الله خيرًا في كثير من الأحيان لا يتكلم بكلمة بعد الصلاة، في كثير من الأحيان يتكلم ويحض على الصدقة أو قد يكمل بعض النقاط التي طرقها في الخطبة، فهذا لأمر عارض، فلو قال لمثله إنه ابتدع، كل هذا يرد على أثر أبي هريرة، أما إن هذا الأمر إذا تصورنا فيه الاستمرارية في الموعظة وفي النصيحة، كما يفعلون اليوم، أما أن هذا بدعة فلا شك ولا ريب في ذلك،

وإليكم البيان : أهل العلم يقولون إن قول الصحابي أو فعله حجة، إذا لم يكن له معارض، فهنا المعارضون كُثُر؛ ذلك لأنه من الثابت عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة صلوا ما بدا لهم من ركعات حتى روي عن بعضهم أنه كان يصلي ثمان ركعات، فهذا هو الذي أمر به الرسول عليه السلام وحَضّ عليه في الأحاديث الصحيحة في قوله - صلى الله عليه وسلم - «من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبَكَّر وابتكر، ثم دنا من الإمام وصلى ما كتب الله له» وفي رواية «ما قُدِّر له إلا غفر الله له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها».

إذًا : يوم الجمعة المسجد قبل الخطبة هو مجلس للعبادة الشخصية، من شاء لا بد من التحية من شاء زاد كما ذكرنا عن بعض الصحابة، صلى من النوافل ما كتب الله له، أو جلس يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أمر بذلك حينما قال في الحديث الصحيح : «أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة، فإن صلاتكم تبلغني» قالوا: كيف ذاك وقد أرمت؟ قال : «إن الله حَرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» أو جلس يقرأ سورة الكهف؛ لأن هذا أيضا من السنة كما هو معلوم.

إذًا قبل خطبة الخطيب يوم الجمعة، المسجد مجلس ذكر إنفرادي، هذا يصلي، هذا يقرأ القرآن، هذا يصلي على الرسول عليه السلام، فالذي يقوم ويعظ الناس ويعلمهم يُشاغب ويشوِّش على هؤلاء، وهذا بلا شك خلاف هذه السنة بل وخلاف قوله عليه الصلاة والسلام : «يا أيها الناس كُلُّكم يناجي رَبَّه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة».

فالشاهد إذًا : التدريس أو الوعظ بين يدي خطبة الجمعة فيه تشويش على هؤلاء المصلين، قد يأتي رجل والخطيب يخطب فيأمره أن يصلي ركعتين، قد يأتي ما قبل فيصلي هذا من هنا وهذا من هنا، والذي يُدَرِّس ابتداع في الدين يشوش على المصلين.

لذلك نحن نقول : أثر أبي هريرة على القاعدة التي ذكرناها آنفا في بعض المناسبات «التمس لأخيك عذرًا»، فنحن نلتمس لحافظ الصحابة أحفظ الصحابة لحديث الرسول أبو هريرة، نلتمس له عذرا، نقول لعله كان يبدو له عوارض، وليس ذلك رتيباً ولزاما، لا بد من ذلك.

فإن ضاقت علينا السبل لإلتماس العذر، قلنا : هذا رأيٌ له لا نُحَاسِبه عليه ولا نتبعه؛ لأنه يُشْبِه تماما شيئًا آخر، الشيء الآخر له : أنه كان إذا توضأ أوصل الماء إلى إبطه، وأوصل الماء إلى ساقه، هذا رأي كان له، وكان يحاول التستر في ذلك حتى لما قال له رجل كان يراقبه سأله عن ذلك قال : «أنت هنا بني فروخ» ما كان يظن أن في هناك مراقب.

الشاهد : أن الرسول عليه السلام علمنا كيف نتوضأ، وما كان من هديه المبالغة، فهو ثبت عن أبي هريرة في صحيح مسلم فلا نتبعه لكن لا نقوى أنه ابتدع؛ لأنه لم يتوفر فيه الشرطان المذكوران آنفا، وهو لم يكن من عادته الابتداع في الدين وألا يكون عالما مجتهدًا، هذا هو الجواب عن هذا الأثر، ولعله واضح إن شاء الله .انتهى (الهدى والنور/٧٨٥/ ١١: ٣٢: ٠٠)

وقال الشيخ موسى نصر صاحب كتاب اللمعة :

ولنا أجوبة عدّة على أثر أبي هريرة رضي الله عنه :

1- لا شك أن أثر أبي هريرة صحيح فقد صححه الشيخ الالباني رحمه الله .

2- أنه فعل صحابي خالف غيره من الصحابة والصحابي إذا خالف غيره من الصحابة لم يكن عمله حجة ملزمة للأمة كما هو عند الأصوليين , بل إن فعل الصحابي ليس ملزماً للأمة إذا انفرد به فكيف إذا خالف من هو أعلم منه فضلاً عن مخالفته لجمهور الصحابة. 

3- إن أبا هريرة رضي الله عنه ليس هو راوي حديث النهي عن التحلق وإنما هو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن عَلم حجة على من لم يعلم كما لا يخفى على طلبة العلم وليس على أبي هريرة غضاضة , فقد روى غيره مالم يروه هو وقد روى هو مالم يرو غيره. 

وقد تخفى بعض الأمور على كبار الصحابة وقد استدركت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها على الصحابة الشيئ الكثير حتى جمع الإمام الزركشي كتاباً في ذلك سماه " الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة " .

4- أن فعل الصحابي لا يقدم على أمر أو نهي النبي صلى الله عليه وسلم وأثر أبي هريرة فعل وحديث عمرو بن شعيب نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم عند العلماء أنه إذا تعارض أمر للنبي صلى الله عليه وسلم مع فعله قدم أمره. 

فكيف إذا تعارض نهيه مع فعل صحابي ؟!! فإذا ثبت النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى من خالفه .

5- أما اثر ابن عمر عن نافع , عن ابن عمر : أنه كان يتربع ويستوي في مجلسه يوم الجمعة قبل أن يخرج الإمام فإن صحّ فليس فيه التصريح بالتحديث والتدريس وإنما الذي فيه أن ابن عمر كان يستوي في مجلسه متربعاً انتظاراً لخروج النبي صلى الله عليه وسلم للخطبة فيقترب منه لاستماع الخطبة لحصول الأجر والثواب ,,. اه 

فلم يبق للمنصف 

إلا أن يذعن للحق ويتبع الدليل فيجتنب ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم من فعل الدرس قبل الجمعة حذراً من قوله تعالى :" فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم . . ". وقوله عليه الصلاة والسلام :" ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيئ فأتو منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيئ فدعوه . . ". ( أخرجه أحمد ومسلم , والنسائي من حديث أبي هريرة ) .

فلا نجاة من الله إلا بتوحيدين: توحيد المُرسِل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا يُحاكم إلى غيره، ولا ترضى بحكم غيره. ( انظر: ابن القيم، مدارج السالكين، (2، 387-388)).

كما أن خطبة الجمعة يطلب تقصيرها فكيف يضاف إليها هذا الدرس ؟!. وها هو رسول الله وهو الذي لا يمل كلامه كان يتخول الصحابة بالموعظة خشية أن يملوا وكانت خطبته قصيرة وجعلها –أي قصر الخطبة من مئنة فقه الرجل .


والله اعلم


وللفائدة..

حكم التنفل قبل صلاة الجمعة؟

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات