لا بأس بالوعظ والنصيحة والتوجيه في المقبرة فهو مستحب إذا تيسر ذلك لأنه ثبت أن النبي ﷺ وعظ الصحابة رضى الله عنهم أكثر من مرة عند القبر كما جاء فى حديث علي وحديث البراء بن عازب .
فوعظ الناس عند القبر عند انتظارهم للدفن وتذكيرهم بالله فذلك حسن ولكن يُفعل أحيانا فلا يُتخذ سنة دائمة .
فالموعظة عند القبر تقيد بما جاء في السنة فقط لئلا تتخذ المقابر منابر فالموعظة عند القبر هادئة يكون الإنسان فيها جالسا ويبدو عليه أثر الحزن والتفكر وما أشبه ذلك لا أثر للشجاعة وكأنه ينذر الجيش يقول صبحكم ومساكم لكن فضل الله يؤتيه من يشاء فبعض الناس يفهم شيئا من النصوص فهما غير مراد بها والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
فقد بوب البخاري في صحيحه كتاب الجنائز باب [موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله] (ح 1362) عن علي رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال : ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتب شقية أو سعيدة فقال رجل : يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأما من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، قال : أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى} [الليل: 6] الآية .
قال العلامة ابن باز رحمه الله :
ثبت عن النبي ﷺ أنه كان ذات يوم في المقبرة عند قبر ينتظرون دفنه عند الميت فشرع ينصحهم عليه الصلاة والسلام ويعلمهم، ويقول عليه الصلاة والسلام : إن الميت إذا حضره أجله نزل إليه ملائكة بيض الوجوه إذا كان مؤمنا بيض الوجوه معهم كفن من الجنة، وحنوط من الجنة، فيجلسون منه مد البصر، فإذا خرجت روحه وقبضها ملك الموت لم يدعها في يده حتى يأخذوها منه ويضعوها في ذلك الحنوط وذلك الكفن ثم ذكر حال الكافر وروحه والملائكة سود الوجوه من جهته إلى غير ذلك .
السؤال :
أحد الإخوان قام وخطب فوق القبر وكثير من الإخوان أنكروا عليه وقالوا ما يجوز؟
الجواب :
الذي نعلم أنه مشروع تذكير الناس على حسب الحال إن كان المكان يعني المدة طويلة بسط، وإن كان الناس مشغولين خفف لكن إذا كان الناس جالسين ينتظرون والقبر لم يكمل بعض الأحيان يكون القبر يحتاج إلى حفر وإلى تحسين وإلى إصلاح فيجلسون ويستمعون، وتارة قد يكون جهز كل شيء فإذا ذكرهم ولو قليلا ولو بكلمات قليلة يكون أنفع تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال :
لكن يا شيخ فعل هذا جائز؟
الجواب :
مشروع، ومن قال : لا، يراجع السنة هي حاكمة على الجميع .اه
وسئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
ما حكم الموعظة التي تُقام على القبر عند دفن الميت ؟
فأجاب :
ما فيه مانع بالشرط المعروف دائمًا ، إذا كان لا يترتَّب من وراء الاستمرار أو الديمومة هذه إفهام الناس خلاف الشرع ؛ يعني كأن يفهموا أنه شيء واجب ؛ فحينئذ يُترك أحيانًا ، لكن الناس اليوم ما راح يفهموا هذا الفهم ؛ إن شاء الله يفهموا المنصوص بوجوبه على أنه واجب . اه (تسجيلات متفرقة - شريط : (13))
وقال العلامة العثيمين رحمه الله :
أما الموعظة الخاصة فهذه لا بأس بها
لو كان الإنسان جالساً وحوله أناس وصار يتكلم عن الموت وما بعده، وسؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه، هذا طيب،
أو مثلاً هو جالس عند القبر وقال للناس ما قاله الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس على قبر إحدى بناته قال : «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار» -كل شيء مكتوب نسأل الله أن يجعل مقاعدنا في الجنة - قالوا: يا رسول الله! إذاً نترك العمل -ما دام كل شيء مكتوب- قال: «لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له» مقعد أهل الجنة لا يكون لمن عمل عمل أهل النار، مقعد أهل النار لا يكون لمن عمل عمل أهل الجنة، مقعدك مكتوب لكن مكتوب العمل المؤدي إلى هذا المقعد،
فمثل هذه الموعظة لا بأس بها،
وكذلك أيضاً في يومٍ من الأيام دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى البقيع وهم في جنازة رجل من الأنصار، لكنه ما تم اللحد، والناس ينتظرون إتمام اللحد، وجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- وجلسوا حوله كأن على رءوسهم الطير احتراماً للرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتعظيماً للمقام، فجعل يحدثهم بما يكون عند الاحتضار وما بعد الموت، مثل هذه الموعظة لا بأس بها.
أما أن يقوم الإنسان خطيباً عند القبر يخطب الناس فهذا ليس من السنة في شيء وما عهدنا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولا الصحابة قاموا خطباء في المقبرة يعظون الناس.. الخطب في أي مكان تكون؟ في المساجد،
أما المقابر فلا، المقابر محل العزاء، لكن إذا جرت مناسبات موعظة مجلس ما هي
خطبة فلا بأس .اه (اللقاء الشهري>اللقاء الشهري [31])
تعليقات
إرسال تعليق