يُعدّ صيام العشر من ذي الحجة من أفضل الأعمال الصالحة التي يُمكن للمسلم أن يُؤديها في هذه الأيام المباركة،
وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تُؤكّد فضل ومشروعية صيام هذه الأيام، منها:
1- قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ! وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. (صحيح سنن الترمذي، (757)).
فكلمة (العمل الصَّالح) : كلمةٌ عامَّة؛ تشمل : الصَّلاة، والصِّيام، والصدقةَ، والذِّكر، وغير ذلك ..
2- عن عبدالله ابن عمر: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ما مِن أيَّام أعظم عند الله، ولا أحبُّ إليه العملُ فيهنَّ مِن هذه الأيَّام العشْر؛
فأكثِروا فيهِنَّ مِن التَّكبير والتَّهليل والتَّحميد ". ( صحيح - تخريج المسند لشعيب الأرناؤوط - رقم: (5446)).
يشير هذا الحديث إلى : أن المقصود بالعمل الصَّالح هنا - أصالةً - هو: الإكثار من ذكر الله.
"فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ"، وهو قَولُ لا إلهَ إلَّا اللهُ "والتَّكْبيرِ"، وهو قَولُ : اللهُ أكبَرُ "والتَّحْميدِ"، وهو قَولُ : الحَمدُ للهِ،
وهذا الذِّكْرُ هو الباقياتُ الصَّالِحاتُ، ويَحسُنُ عَمَلُ الطَّاعاتِ بأنْواعِها في هذه الأيَّامِ مع الذِّكْرِ والدُّعاءِ .
3- عن هُنَيْدَةَ بن خالد رضي الله عنه عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عن الجميع قالت:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ. (صحيح سنن أبي داود).
* إذن يستحب الصوم فى هذه الأيام لإندراجه فى العمل الصالح، ولا يصام فيها إلا تسعة أيام فقط،
واليوم العاشر هو يوم العيد يحرم صومه فصوم التسعة كلها من السنة وليس فرضاً.
* المراد من ( صيام عشر ذي الحجة ) صيام تسعة أيام فقط وإنما أطلق عليها أنها عشر على سبيل التغليب .
* قول بعضهم : إن المراد بتسع ذي الحجة هو اليوم التاسع: هذا تأويل مردود وخطأ ظاهر للفرق بين التسع والتاسع.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
على من يقول : صيام عشر ذي الحجة بدعة؟
الجواب :
هذا جاهل يُعلَّم، فالرسول ﷺ حض على العمل الصالح فيها، والصيام من العمل الصالح.....
ولو كان النبي ﷺ ما صام هذه الأيام، فقد روي عنه ﷺ أنه صامها، وروي عنه أنه لم يصمها؛
لكن العمدة على القول، القول أعظم من الفعل، وإذا اجتمع القول والفعل كان آكد للسنة؛
فالقول يعتبر لوحده، والفعل لوحده، والتقرير وحده، فإذا قال النبي ﷺ قولًا أو عملًا أو أقر فعلًا كله سنة،
لكن القول هو أعظمها وأقواها، ثم الفعل، ثم التقرير،... فإذا صامها أو تصدق فيها فهو على خير عظيم، وهكذا يشرع فيها التكبير والتحميد والتهليل؛ لقوله ﷺ:
ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد.
وفق الله الجميع. انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 15/ 418).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
.... من زعم أن العشر لا تصام فليأت بدليل على إخراج الصوم من هذا العموم : « ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ».
وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصمها فهذه قضية عين، ربما كان لا يصوم؛ لأنه يشتغل بما هو أنفع وأهم،
لكن عندنا لفظ الرسول عليه الصلاة والسلام : « ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ».
على أنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها، وقدَّم الإمام أحمد هذا -أعني : أنه لا يدع صيامها- على رواية النفي، وقال : إن المثبت مقدم على النافي،
لكن على فرض أنه ليس هناك ما يدل على أنه يصوم فإنه داخلٌ في عموم : « ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ». انتهى من (اللقاء الشهري لابن عثيمين/ 34).
* ختامًا :
إنّ صيام العشر من ذي الحجة فرصة عظيمة لنيل الأجر والثواب من الله تعالى، وتطهير النفس من الذنوب والخطايا، والتقرب إلى الله تعالى.
فليحرص المسلم على اغتنام هذه الفرصة، وأن يُصوم هذه الأيام المباركة إيمانًا واحتسابًا.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق