القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم وضع اليدين على الصدر بعد الركوع


لا يُسَنُّ وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع كحال القيام قبل الركوع لأن وضعهما على الصدرهيئة تعبدية وهذا فعل والفعل يحتاج إلى دليل.

فلم يرد مطلقا في شيء من أحاديث الصلاة ولم ينقل عن أحد من السلف وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع فالرفع من الركوع لا يسمى قياما بل يسمى اعتدالا ولم يذكر الفقهاء بأن المصلي يعقد يديه بعد الاعتدال من الركوع بل يرسلهما.

وهذا مذهب الجمهور واختاره الإمام الألبانى رحمهم الله.

والدليل :

ما أخرجه الإمام مسلم برقم ( 401 ) من حديث وائل بن حجر:  أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة حيال أذنيه وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.  

فمن نظر في هذا الحديث علم أن وائلاً رضي الله عنه قد اعتنى عناية بالغة بموضع اليدين 
فيما ذكر من هيئات الصلاة ، فلو كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل فلما لم يذكره دل على عدم وقوعه

فإن قيل:

 وكما أن وائل بن حجر لم ينقل الضم ، فكذلك لم ينقل الإرسال ، فلماذا ترسلون ؟ 

فالجواب عن ذلك  : 

 أن الضم حركة في الصلاة تحتاج إلى دليل فمن لم يُـقِمْ عليها دليلاً ، فلا يُـقبل قوله كما أن الأصل الإرسال والانتقال عن الأصل يحتاج إلى دليل ناقل ، ولا دليل مع المخالف. 

وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي فنحن مأمورون بالصلاة كما صلى النبي فمن قال السنة في الصلاة كذا طالبناه بثبوتها عن النبي فالعبادة توقيفية لا مجال للرأي فيها. 

لذا المطالب بالدليل في هذه الحالة هو القائل بالوضع فهو يثبت هيئة خاصة فعلها أما القائل بالإرسال فلم يثبت هيئة خاصة ولذلك هو مستند إلى أن الأصل في العبادة المنع ما لم يأت دليل وما دام لم يأت دليل بالوضع فالأصل الإرسال كحالة الإنسان قبل الدخول في الصلاة كذلك إذا دخل في الصلاة لأن الإنسان قبل الصلاة يكون في الغالب مرسلا يديه والعبرة بالغالب والنادر لاعبرة به.

والإرسال عدم الوضع وعدم القبض أمر عدمي والأمور العدمية لاتنقل إلا ما احتيج إليه فينقل للحاجة ،ولا حاجة في نقل الإرسال لأنه الأصل أما الأمر الذي تحتاج لمعرفته هو الذي ينقل. فعلى سبيل المثال: هذا الشخص رأيته حيا فلا تحتاج لقول شخص يقول لك فلان حي لأن الأصل عندك أنه حي والذي تحتاج إليه هو موته لأنه خلاف الأصل. ومن يقرأ صفة صلاة النبي في كتب الفقه للعلماء السابقين يجد كثير منها لاتذكر الوضع بعد الرفع من الركوع أصلا.

قال ابن تيمية رحمه الله

 في شرح العمدة :

ولا يستحب ذلك في قيام الاعتدال عن الركوع لأن السنة لم ترد به ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إلى التهيؤ للسجود.اه

فهذه الأمة اعتنت عناية عظيمة بنقل كل شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى آداب قضاء الحاجة علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بالك بالصلاة ؟ 

وعندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي ، كيف ستكون عناية الأمة بوصف صلاته عليه الصلاة والسلام ، لذلك انظر الدقة في نصوص الأحاديث ، حتى صفة وضع الأصابع ذكروها ، عند السجود تضمها ، وعند الركوع تفرج فيما بينها.

 فهذه الدقائق ذكرت وبُوّب لها في كتب السنة ، فكيف بما هو أكبر منها ، فقبض اليدين بعد الركوع لم يذكرها أحد كتبويب لباب ، وكل الأبواب التي ذكرها أهل العلم قد فصلوا فيها تفصيلا عظيما في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلماذا لم يذكروا هذه الحيثية وهذا التفصيل بعد الرفع من الركوع ؟ فكيف يفوتهم أن ينقلوا وضع اليدين على الصدربعد الركوع ؟ مع أنها مسألة جلية وواضحة.
 
فالشاهد أنه لا الفقهاء ولا المحدثون بوبوا لوضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع ، وإنما كل الذين بوبوا قالوا : باب الرفع من الركوع.

وأما حديث النبي صلى الله عليه وسلم" أنه كان يرجع إلى ما كان عليه" فالمقصود إلى إسبال اليدين لأن هذا هو الأصل في خلقة الإنسان وأما وضعهما فهذا فعل والفعل يحتاج إلى دليل.

وأما قول الصحابي: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضع اليمنى على اليسرى في القيام". فالقيام هنا هو الوضع الكامل ولا ينطبق هذا إلا على القيام الأول. أما القيام الثاني فهو مقيد بالركوع فيقال القيام من الركوع أما القيام الأول فيقال فيه القيام ولا يقيد بشيء فهذا هو القيام المقصود في الحديث.

 وهنا الرد على 

من قال بسُنية وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع.

قال العلامة الالبانى رحمه الله :

وضع اليدين بعد الركوع في القيام القصير هذا لم يرد حديث صحيح صريح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه وضع اليمنى على اليسرى بعد أن رفع رأسه من الركوع ولذلك فهذا القول لا يُعرف أو بالأحرى لا يثبت عن أحد من السّلف الصالح ولا التابعين ولا أتباعهم وفيهم الأئمة الأربعة المجتهدون، لا يعرف عنهم رواية ثابتة ومتداولة في كتب أتباعهم الذين يروون عنهم أقوالهم وفتاويهم أن أحدا منهم قال بأن وضع اليدين بعد الركوع سُنة كما هو شأن في وضعهما قبل الركوع ، ليس هناك أي حديث ولو جاء الحديث صحيحا وصريحا لسارعنا إليه لأن الأئمة كلهم أجمعوا على قوله " إذا صح الحديث فهو مذهبي "،

ولكن بعض العلماء المتأخرين يتمسكون بحديث في سنن النسائي من حديث وائل بن حجر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى ) فأخذوا من قول الراوي في هذا الحديث ( إذا قام في الصلاة ) ( قام في الصلاة )

 بلا شك من الناحية العربية يشمل القيام الأول والقيام الثاني لأنه حينما يرفع رأسه من الركوع يظل قائما ففهم من هذا الحديث أن هذا القيام الثاني فيه وضع أيضا لليدين كما هو الشأن في القيام الأول، ولكن هناك من علماء الأصول، أصول الفقه قواعد وضوابط وضعوها لكي لا يلتبس الأمر على طالب العلم.

 إذا جاء حديث بتعبير بدنا نتكلم الآن يعني ببعض المصطلحات الفقهية ولا بد أنه فيكم إن شاء الله طلاب علم أقوياء فسيفهمون علينا بإذن الله ما نقوله من هذه الحيثية، إذا جاء حديث مطلق في بعض الروايات ثم جاء مقيدا في رواية أخرى فلا يجوز أن نأخذ من الحديث الأول المطلق على إطلاقه وإنما نأخذه مقيدا بالحديث الثاني الذي فيه تقييد للحديث الأول هذا بلا شك من قرأ علم أصول الفقه يفهمه مني.

 ولكن سأوضحه ببعض الأمثلة

 وبما يتعلق بنفس الصلاة بل ما يتعلق بنفس وضع اليدين، لاحظوا أنه هنا حديث وائل كان إذا قام في الصلاة فذكر القيام في الصلاة، انظروا الآن في حديث آخر في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي قال " كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة "، ما ذكروا القيام فهنا الصلاة مطلقة فيدخل فيها غير القيام أيضا، مثلا أنت جالس بين السجدتين فأنت في صلاة وحديث البخاري يقول، " كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة " 

فأنت جالس بين السجدتين في الصلاة فهل تضع اليدين هكذا بين السجدتين، الجواب لا، لم ؟

 لأن الحديث مطلق يشمل القيام ويشمل القعود الذي ليس فيه سنة، أنا ما قلت التشهد لأنه بالتشهد في عندنا أحاديث أن الرسول كان إذا جلس للتشهد وضع اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى لكن أقول بين السجدتين ليس هناك سنة نصت على هيئة خاصة لليدين فلماذا لا يضعون اليمنى على اليسرى بين السجدتين إعمالا لمطلق قوله في حديث سهل في الصلاة، ما ذكروا القيام كذلك في حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح ابن حبان ( إنا معشر الأنبياء أمرنا بثلاث بأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة ) هنا ما ذكروا القيام قال في الصلاة ( وبتعجيل الفطور وتأخير السحور ) هذه ثلاثة أشياء أمرنا بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، ما أحد يقول أنه يُشرع أن نضع اليدين في الصلاة ونحن في غير القيام كذلك مثلا في هناك سجدة عفوا جلسة هي التي يسميها فقهاء الشافعية وغيرهم بجلسة الاستراحة يعني إذا انتهيت من السجدة الثانية في الركعة الأولى وأردت أن تنهض إلى الركعة الثانية لا تنهض فورا وإنما تجلس جلسة خفيفة فلا تفعل هكذا ثم تقوم مع أنه ها الحديثين هذول بيقولوا في الصلاة ما قالوا في القيام، ما هو جوابهم عن هذين الحديثين قالوا نقول في الصلاة يعني في قيام الصلاة ليه ؟ لأنه قيّدت الصلاة في أحاديث الرواية الأخرى بالقيام، وهذا هو الجواب العلمي الصحيح .

إذًا لنقول

 فلنقل في حديث وائل بن حجر كان إذا قام في الصلاة نقول القيام الأول مش هذا قيام مطلق لم ؟ 

لأنه جاء بيانه في حديث وائل بن حجر في صحيح مسلم، روى مسلم في صحيحه عن وائل بن حجر: أنه لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم جاءه والوقت بارد في الشتاء فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه ثوب ويرفع يديه، حينما دخل في الصلاة قال الله أكبر ورفع يديه تحت الثوب ووضع اليمنى على اليسرى ثم ذكر ثم ركع ثم رفع رأسه من الركوع وقال سمع الله لمن حمده ثم سجد. فنجد في هذا الحديث وهو يتابع وصف صلاة الرسول عليه السلام. فنجد في هذا الحديث أمرين اثنين:

 أولا : 

قيّد القيام الذي ذكر في الحديث الأول بأنه القيام الأول.

 ثانيا:

 لما جاء بذكر القيام الثاني بعد الركوع، ما ذكر هذاك الوضع الذي فهموه من الحديث المطلق في لفظة القيام، إذًا قوله عليه الصلاة والسلام، قول الراوي عن الرسول عليه السلام أنه كان إذا قام في الصلاة قام هنا يعني القيام الأول ليه ؟ لأنه الأحاديث يفسر بعضها بعضا فكما فسّرنا حديث سهل بن سعد أنهم كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى وحديث الأنبياء أمروا بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فسّرنا الصلاة هنا في القيام أي في الصلاة قياما كذلك نفسّر القيام المذكور في هذه الفوائد كان إذا قام في الصلاة بالقيام الأول يُفسر بعضها بعضا. وهذا له أمثلة كثيرة جدا في الأحاديث النبوية، 

ننهي الكلام بمثال أخير :

هناك حديث في سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد وغيره عن أنس بن مالك قال: كان
 رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشير في الصلاة. إذًا ممكن أنا أجمع فأقول هذه سنة ثم أعمل هكذا أشير، ما أحد يقول بهذا لم ؟

 لأن هذا الحديث جاء بيان الإشارة وين، وهذا ما سأتابعه، جاء حديث عبد الله بن عمر في صحيح مسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة أشار بإصبعه، 

جلسنا في الصلاة مثلا بين السجدتين يشير لا ؟ جلسة الاستراحة يشير؟ لا مع أنه يقول إذا جلس في الصلاة فالجلوس هنا مطلق ما أحد يقول بهذا لم ؟ 

لأنه جاء بيان ها الإشارة في روايات أخرى في صحيح مسلم وغيره قال: كان إذا جلس في التشهد في الصلاة فقيّد الجلسة بالتشهد إذًا الإشارة وين تكون ؟ في التشهد، ماذا فعلنا بالأحاديث التي لم تذكر جلسة التشهد وإنما أطلقت الجلوس، حملنا المطلق على المقيّد كذلك نحمل مطلق القيام في حديث وائل كان إذا قام على القيام المقيّد في حديث مسلم. 

وبذلك يتبيّن أن الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو الوضع في القيام الأول وهذا هو السبب أنه لا نجد في بطون علماء المسلمين قاطبة من الأئمة الأربعة وغيرهم رواية ثابتة عن أحدهم أن من السنة وضع اليمنى على اليسرى في القيام الثاني. اه


وقال أيضا رحمه الله  :

" ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً (فيأخذ كل عظم مأخذه)(وفي رواية): وإذا رفعت فأقم صلبك، وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ". رواه البخاري ومسلم والدارمي والحاكم والشافعي واحمد.

إن المراد من هذا الحديث بين واضح وهو الاطمئنان في هذا القيام وأما استدلال بعض إخواننا من أهل الحجاز وغيرها بهذا الحديث على مشروعية وضع اليمنى على اليسرى في هذا القيام ، فبعيداً جداً عن مجموع روايات الحديث ، بل هو استدلال باطل ، لأن الوضع المذكور لم يرد له ذكر في القيام الأول في شيء من طرق الحديث وألفاظه ،  فكيف يسوغ تفسير الأخذ المذكور فيه بأخذ اليسرى باليمنى قبل الركوع؟!.

ولا يخالف هذا ما نقله الشيخ التويجري في رسالته (ص 18-19) عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال : " إن شاء أرسل يديه وإن شاء وضعهما "، لأنه لم يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما قاله باجتهاده ورأيه ، والرأي قد يخطئ  فإذا قام الدليل الصحيح على بدعية أمر ما – كهذا الذي نحن بصدده – فقول إمام به لا ينافي بدعيته كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه، بل إنني لأجد في كلمة الإمام أحمد هذه ما يدل على أن الوضع المذكور لم يثبت في السنة عنده ، فإنه مخير في فعله وتركه !.

فهل يظن الشيخ الفاضل أن الإمام يخير أيضاً كذلك في الوضع قبل الركوع ؟! فتبث أن الوضع المذكور ليس من السنة ، وهو المراد . " اهـ .

(سلسلة الهدى والنور شريط "الأجوبة الألبانية على أسئلة أبو الحسن الدعوية").

وقال شيخنا الفاضل محمد بازمول حفظه الله :

لا يشرع قبض اليدين بعد الركوع على الصدر كحال القيام قبل الركوع، لأن هذه هيئة تعبدية، و لا يوجد دليل صحيح الدلالة على ذلك، ولأن الصحابة نقلوا كل هيئات الصلاة ولم يأت عنهم نص في القبض بعد الركوع. والله الموفق. اه


وقال أيضا شيخنا البازمول حفظه الله

 في شرحه لكتاب "صفة صلاة النبي" :

عند تأمل أدلة القائلين بمشروعية وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر بعد الركوع نجد أنها ليست من قبيل العام وأسلوبه وإنما هي من قبيل المطلق وفرق بين العام والمطلق فالعام عمومه شمولي استغراقي دفعي والمطلق عمومه بدلي.

فحديث سهل بن سعد :"كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه
اليسرى في الصلاة".

هو نص مطلق إذ أطلق القيام و لم يقيده بقبل الركوع أو بعده والنص المطلق يثبت حكمه على فرد شائع في أفراده دون استغراق جميع أفراده التي يصلح لها والفرد الشائع من القيام في الصلاة هو قيام القراءة في أوّل الصلاة دون سواه فوضع اليدين إنما يشرع في ذلك القيام دون غيره. 

و يتأيد هذا ببيان أنه هو مراد وائل رضي الله عنه في قوله : " إذا كان قائما في الصلاة " ويبين أن ذلك مراده ويفسر أنه إنما أراد قيام القراءة لا غير وعليه فإن وضع اليدين على الصدر إنما يكون في قيام القراءة لا غيره . 

 قال العلامة الألباني رحمه الله: (صفة صلاة النبي صلىالله عليه و سلم ص 120) : (( و لست أشك في أن وضع اليدين على الصدر في هذا القيام ( يعني بعد الرفع من الركوع) بدعة ضلالة , لأنه لم يردمطلقا في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها  ولا ذكره أحد من أئمة الحديث فيما أعلم )). انتهى كلامه.

فالفرق بين العام والمطلق عند الأصوليين : 

أن العام عمومه عموم شمول واستغراق بخلاف المطلق فعمومه عموم بدل ، وفائدة ذلك تكمن في أن المطلق يتحقق بالمرة الواحدة بخلاف العام الاستغراقي فيستغرق جميع مفرداته ووحداته .ولذلك ترى الإمام أحمد لم يقل بسنيتها بل جعل الأمر راجعا إلى المصلي مخيرا فيه موسعا فيه ، ولو كان سنة كالقيام الأول لاحتج بما احتج به هو نفسه في سنية الوضع في القيام الأول ، وهذه اللفتة نبه عليها الألباني رحمه الله تعالى .وهي قوية جدا 

ومن ذلك ما نقله الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري" (2/ 310، ط. عالم المعرفة) فقال: قال ابن رُشيد: إذا أُطلق في الأحاديث الجلوس في الصلاة من غير تقييد، فالمراد به: جلوس التشهد . اهـ.

ومن الردود على

 القائلين بالوضع لبعض الإخوة

أولاً :

أما استدلالهم بحديث وائل بن حجر فبالرجوع إلى روايات الحديث وألفاظه  نجد أن الحديث قد جاء بعدة ألفاظ : 

( أ ) فعند أبي شيبة برقم ( 3938 ) والبيهقي ( 2 / 28 ) من طريق موسى بن عمير عن علقمة بن وائل عن أبيه ، قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وضع يمينه على شماله في الصلاة ". وأنظره في " مسند أحمد " ( 4 / 316 ) وسنده صحيح . 

( ب ) الرواية الثانية بلفظ : 

" كان إذا كان قائماً في الصلاة ، قبض بيمينه على شماله ". أخرجه النسائي برقم ( 887 ) وسنده صحيح ، وهي من طريق موسى بن عمير أيضاً ، وقد توبع من قيس العنبري.  

( ج ) وعند ابن عبد البر في " التمهيد " ( 20 / 72 ) : من طريق موسى بن عمير عن علقمة عن وائل :" أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا قام إلى الصلاة ، قبض على شماله بيمينه ". وسنده صحيح .
 
ومن طريق موسى به : " رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل الصلاة يأخذ شماله بيمينه "

فهذه ثلاث روايات أو أربع كلها عن موسى بن عمير العنبري ، وهو ثقة ، عن علقمة بن وائل عن أبيه ، وقد أثبت البخاري رحمه الله سماع علقمة من أبيه ، كما في " التاريخ الكبير " ( 7 / 41 ) فهو مقدم على نفي ابن معين للسماع ، فالسند صحيح .

ومن نظر في هذه الروايات :

 علم أن الرواية ( أ ) عامة في وضع اليمين على الشمال في الصلاة . فهل يقول المخالفون لنا بهذا العموم ؟ 

فإن قالوا : وردت السنة ببيان موضع اليدين في جميع هيئات الصلاة فيحمل هذا العموم على القيام بذلك وللرواية ( ب ) . ،

فالجواب :

أننا لا نسلم بأن السنة قد بينت موضع اليدين في كل مواضع الصلاة ، فموضع اليدين في الجلوس بين السجدتين ، لم يرد حديث صحيح فيه وموضع اليدين في جلسة الاستراحة لم يرد دليل فيه ،فهل سيقولون بالضم أو القبض فيهما ؟ ومن المعلوم أنه لا قائل بذلك ـ فيما أعلم ـ والله أعلم . 

فإن انتقلوا إلى الرواية ( ب ) قلنا لهم أصبتم :  فإن المراد بالرواية ( أ ) القيام ، لكن الرواية ( ب ) أيضاً مخصصة ، وليست على العموم ، وجوابكم على الرواية ( أ ) هو جوابنا عليكم في الرواية ( ب ) . 

فنقول :

قد جاءت رواية صحيحة تبين أن المراد بالقيام هو الأول ، فقول وائل : " كان إذا قام إلى الصلاة " لا يفهم منه إلا القيام الأول ، وفرق بين هذا اللفظ ، وبين قوله : " كان إذا قام في الصلاة " فالأول خاص بالقيام الأول  والثاني عام في القيامين ، كما لا يخفى

ويوضح ذلك الرواية الأخرى : 

" رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل الصلاة يأخذ شماله بيمنه ". فدخوله الصلاة محمول على القيام الأول

فهذه طريق واحدة : " موسى بن عمير عن علقمة عن أبيه " نقلت لنا الحديث بألفاظه السابقة ، فلا يشك حديثي أن هذا من باب الرواية بالمعنى ، وقد ورد الحديث عاما في الصلاة ، وخصص في رواية أخرى بالقيام ، وهذه الرواية المخصصة عامة من جهة أخرى ، حيث شملت القيامين ، فجاءت الرواية الثالثة مخصصة تخصيصاً آخر ، وهو جعل الضم في القيام الأول فهل يليق بعد ذلك أن يتشبث أحد بعموم الرواية ( ب ) ولا يلتفت إلى الرواية ( ج ) والمخرج واحد ؟ !. 

ثانيا :

وأما الاستدلال بحديث أبي حميد الساعدي فهو استدلال في غير محله : لأن " الفقار " جمع " فقارة "وهي عظام الظهر . . . والمراد بذلك كمال الاعتدال . . . أي حتى تعود كل عظمة من عظام الظهر مكانها.أهـ ملخصاً من " الفتح " ( 2 /308 / 309 ) 

وأما رواية : 

" حتى يعود أو يقع كل مفصل أو عظم موقعه "

فالجواب عليها بما يلي : 

( أ ) المراد بذلك عظام الظهر كما في الرواية السابقة ، وقد سبق الجواب عليها . 

 هذا الحديث دليل على وجوب الاعتدال بعد الرفع من الركوع ، فإنه لا صلاة لمن لم يُـقم صلبه ، وموضوع النزاع لا قائل بوجوب الضم فيه ، فلو كانت هذه الرواية دليلاً في موضوع النزاع  للزم من استدل بها على ذلك ، أن يقول بوجوب أو ركنية ذلك ، ولا قائل به ، بل العلماء على استحباب القبض أو الضم في القيام الأول ، فما ظنك بالقيام الثاني ؟ ‍!.
 
ثالثا : 

وأما القول بأن الضم يناسب الخشوع فهي علة غير متفق عليها بين أهل العلم وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " صلوا كما رأيتموني أصلي ". رواه البخاري ، وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيد الخاشعين المتقين ولم يرد دليل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالضم في هذا الموضع ، فكيف نحكم على من حاول أن يجعل صلاته مقيدة بما جاء عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ناقص الخشوع ؟ .

رابعا :

وأما القول بأنه لم يقل بالإرسال في موضع النزاع أحد، فالواقع يدفعه ، فإن الإرسال في هذا الموضع شبه إجماع ، أو إجماع عند الحنفية ، انظر " بدائع الصنائع " ( 1 / 298 )

 ولم أقف على تصريح باستحباب الضم في موضع النزاع إلا من كلام ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 112 ) واستدل بالعموم الوارد في حديث وائل ، وقد سبق ما فيه . نعم ، ما جاء في " سؤالات صالح بن أحمد " ( ص 205 ) برقم ( 776 ) : ( قلت كيف يضع الرجل يده بعدما يرفع رأسه من الركوع ، أيضع اليمنى على الشمال ، أم يسدهما ؟ قال : أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله تعالى ). اهـ . 

وهذا القول من الامام أحمد بينه العلامة الالبانى رحمه الله فليراجع فيما سبق.

خامساً :

وإذ قد ظهر لك عدم الانتهاض على الاحتجاج للضم بعد الرفع من الركوع بالأدلة السابقة فقد أخرج مسلم برقم ( 401 ) من حديث وائل بن حجر :" أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة حيال  أذنيه ، وكبر ، ثم التحف بثوبه ، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى ، فلما أراد أن يركع ، أخرج يديه من الثوب ، ثم رفعهما ، ثم كبر فركع ، فلما قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه "

فمن نظر في هذا الحديث ، علم أن وائلاً رضي الله عنه قد اعتنى عناية بالغة بموضع اليدين فيما ذكر من هيئات الصلاة فلو كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل ، فلما لم يذكره ، دل على عدم وقوعه . 

فإن قيل :

 وكما أن وائل بن حجر لم ينقل الضم فكذلك لم ينقل الإرسال فلماذا ترسلون ؟ فالجواب عن ذلك من وجهين :

 أن الضم حركة في الصلاة تحتاج إلى دليل فمن لم يُـقِمْ عليها دليلاً  فلا يُـقبل قوله ،كما أن الأصل الإرسال والانتقال عن الأصل يحتاج إلى دليل ناقل ، ولا دليل مع المخالف عليه. 

يوضح ذلك :

أنه لو لم يرد دليل أصلاً بوضع اليمين على الشمال في القيام الأول لما فعلناه ، وإذا لم تضع اليمنى على اليسرى  فليس هناك إلا الإرسال ، فهذا يوضح لك أن الأصل الإرسال وإنما تركناه في القيام الأول للدليل ، فلما لم يرد دليل على الضم في القيام الثاني رجعنا للأصل وهو الإرسال . انتهى.

وإليك أقوال جماهير العلماء

من الحنفية والمالكية والشافعية وغيرهم :

قال الإمام الكاساني الحنفي : وأجمعوا على أنه لا يُسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود؛ لأنه لا قرار له ولا قراءة فيه .اهـ "بدائع الصنائع" (1/ 201، ط. دار الكتب العلمية).

وجاء في "ملتقى الأبحر" وشرحه "مجمع الأنهر" للفقيه العلامة داماد الحنفي : ويرسل في قَوْمَةِ الركوع وبين تكبيرات العيد اتفاقًا ؛ لأنه ليس فيهما ذكر مسنون ممتد وقراءة. اهـ.

وجاء في "المدونة الكبرى" لسحنون (1/ 170، ط. السعادة) : وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال: لا أعرف ذلك في الفريضة - وكان يكرهه - ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك؛ يعين به نفسه. اهـ.

وجاء في "مختصر خليل مع شرحه" للعلامة الخرشي من كتب المالكية (1/ 286، ط. دار الفكر): (ص) وسَدْلُ يديه (ش) أي: يندب لكل مصل على المشهور سدل- أي: إرسال- يديه إلى جنبيه من حين يكبر للإحرام؛ ظاهره في الفرض والنفل، ويكره القبض في الفرض. اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 252، ط. المكتب الإسلامي) : ويستحب عند الاعتدال رفع اليدين حذو المنكبين، على ما تقدم من صفة الرفع، ويكون ابتداء رفعهما، مع ابتداء رفع الرأس، فإذا اعتدل قائمًا حطهما. اهـ.

وقال العلامة الشمس الرملي في "نهاية المحتاج" (1/ 502، ط. الحلبي) : فإذا انتصب - أي: المصلي- أرسل يديهاهـ.

وقال الهيتمي : (فإذا انتصب) قائمًا أرسل يديه، وما قيل: يجعَلُهما تحت صدره كالقيام، يأتي قريبًا ردُّه. ((تحفة المحتاج)) (2/63).

وهو رواية عن الإمام أحمد أيضًا؛ قال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي) : وعنه - أي: الإمام أحمد-: إذا قام رفَعَهُما ثم حَطَّهُما فقط . اهـ.

الخلاصة

لا يُسَنُّ وضعُ اليد اليُمنى على اليُسرى بعد القيامِ مِن الرُّكوع فحال اليدين في هذا الموضع هو الإرسال لا القبض فهو موافق للعدم الأصلي - عدم القبض - فلا يخرج الحكم عن ذلك إلا بدليل وما ورد بوضع اليد اليمنى على اليسرى فى القيام إنما هو حال قيام القراءة فالقيام هنا هو الوضع الكامل ولا ينطبق هذا إلا على القيام الأول. أما القيام الثاني فهو مقيد بالركوع فيقال القيام من الركوع أما القيام الأول فيقال فيه القيام ولا يقيد بشيء فهذا هو القيام المقصود في الحديث.

وقد جاء حديث وائل بن حجر في صحيح مسلم مفسرا لهذه الأحاديث فقد ذكر الوضع قبل الرفع اليدين للتكبير للركوع وسكت عن الوضع بعد الرفع من الركوع والأحاديث قد جاءت بسنية رفع اليدين عند الرفع من الركوع ولم تأت بأنه إذا رفعهما وضعهما على الصدر . 

ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع يديه بعد الرفع من الركوع لنقل إلينا نقلا صريحا لأنه أمر وجودي والأمور الوجودية مما تتوافر الههم على نقلها فما دام لم يبنقل نقلا صريحا فهذا دليل على عدم حدوثه .


والله اعلم


وللفائدة..

كم عدد التسبيح فى الركوع والسجود؟


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات