الدعاء عبادة عظيمة تقرب العبد من الله سبحانه وتعالى، وهو مفتاح للخير وسبب لجلب الرحمة والبركة.
▣ ومن الأوقات المستحبة للدعاء، الوقت بين الظهر والعصر يوم الأربعاء،
حيث وردت نصوص تُشير إلى أن الدعاء في هذا الوقت له فضل عظيم، وأنه من الأوقات التي تُرجى فيها الإجابة بإذن الله.
▣ فكما أن الله تعالى خصص أوقاتًا مميزة في الليل، فقد اختار أيضًا ساعات في النهار،
ومن رحمته عز وجل أنه جبر خاطر من لا يستطيع قيام الليل،
فجعل لهم فرصة الدعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء، والاستجابة في هذا الوقت -بإذن الله تعالى- حاصلة،
كما ورد عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
▣▣ الدليل على استحباب الدعاء يوم الأربعاء بين الظهر والعصر:
- عن جــابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ﷺ دعـا فـي مسجدِ الفتــحِ ثـلاثـاً ، يومَ الاثنين ويومَ الثلاثاءِ ويومَ الأربعاءِ، فاستُـجيبَ لـهُ ؛ يومَ الأربعــاءِ بيـنَ الصـلاتـيـن ،
فـعُرِفَ البشرُ في وجهِه، قال جابرٌ : فلمْ ينزلْ بـي أمرٌ مهمٌ غليظٌ إلَّا توخيْـتُ تلكَ السـاعة ، فأدعـو فيـها فأعـرِفُ الإجــابـةَ. [ رواه أحمدُ والبزارُ- وحسنــه الألبــانيُّ فى صحيح الترغيب-رقم : 1185 ].
▣▣ فهم الصحابة وأثر ذلك على استحباب الدعاء.
** كان الصحابة رضوان الله عليهم أعلم الناس بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وأكثرهم حرصًا على اتباع أفعال النبي ﷺ وتطبيقها بدقة.
** ولم يكن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يتحرى الدعاء في هذا الوقت إلا لأنه أدرك فضله وأهميته من فعل النبي ﷺ،
مما يوضح أن الدعاء في هذا الوقت يُعد سنة مستحبة.
** فالصحابة كانوا أفقه الناس بلغة القرآن وأعرفهم بدلالات الألفاظ ومعانيها، إذ عايشوا التنزيل وشهدوا وقائع الرسالة،
مما جعلهم الأكثر فهمًا لأساليب الكتاب والسنة والأعلم بحال النبي ﷺ وسننه.
▣▣ أراء العلماء في استحباب الدعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء:
- قال الشيخ الألباني رحمه الله :
لولا أن الصحابي رضي الله عنه أفادنا أن دعاء الرسول ﷺ في ذلك الوقت من يوم الأربعاء كان مقصودا –
والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، وليس الخبر كالمعاينة-
لولا أن الصحابي أخبرنا بهذا الخبر لكنا قلنا هذا قد اتفق لرسول الله ﷺ أنه دعا فاستجيب له في ذلك الوقت من ذلك اليوم.
لكن أخذ هذا الصحابي يعمل بما رآه من رسول الله ﷺ يوما ووقتا ويستجاب له.
إذا هذا أمر فهمناه بواسطة هذا الصحابي وأنه سنة تعبدية لا عفوية. ينظر: (شرح صحيح الأدب المفرد -للشيخ حسين العوايشة حفظه الله 2/380-381).
- قال ابن تيمية رحمه الله :
وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم فيتحرون الدعاء في هذا، كما نقل عن جابر،
ولم ينقل عن جابر رضي الله عنه أنه تحرى الدعاء في المكان بل في الزمان. ينظر: ( اقتضاء الصراط المستقيم).
- وقال البيهقي رحمه الله :
..ويتحرى للدعاء الأوقات والأحوال والمواطن التي يرجى فيها الإجابة تماما،
فأما الأوقات فمنها : ما بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء. ينظر: (شعب الإيمان 2/42، وتحفة الذاكرين- للشوكاني رحمه الله 63 و69).
- قال الإمام المناوي رحمه الله :
الدعاء يستجاب في مواطن أخرى منها في ليلة القدر... وبين صلاة الظهر والعصر من يوم الأربعاء. ينظر: (فيض القدير شرح الجامع الصغير بتصرف يسير).
▣▣ الخلاصة :
الدعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء سنة مستحبة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام،
ويُرجى فيها استجابة الدعاء، كما هو واضح من حديث جابر رضي الله عنه.
فينبغي على المسلم أن يحرص على اغتنام هذا الوقت بالدعاء والتضرع، مع الإلحاح في الدعاء وحسن الظن بالله.
والله اعلم
* شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك
تعليقات
إرسال تعليق