">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

من أعظم حقوق النبي محمد ﷺ تجريد المتابعة له، ومعني ذلك أن تتبعه فتطيعه ﷺ هو وحده متبوعك المطاع ،

وهذا هو مضمون الركن الثاني من كلمة التوحيد وشعار الإسلام أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

* فأنت يا مسلم بإقرارك وإيمانك بالرسالة لسيدنا محمد  تعطي عهدا على نفسك بأن تتبع سيدنا رسول الله  وتطيعه وتقدم أمره على أمر غيره وطاعته على طاعة غيره.

- قال الله تعالى : يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم. {الحجرات:1}.

- وعن ابن عباس : قوله : { لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } أى : « لا تقولوا خلاف الكتاب، والسنة » . انتهى.

قال السعدي في تفسير هذه الاية : وفي هذا النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله،

فإنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان.. انتهى.

** وتكون متابعة النبي ﷺ ب :

1- تصديقه فيما أخبر به تصديقا لا يخالطه شك ، إذ أنه لا معنى للإيمان إلا بتصديق ما جاء به قال تعالى مخبراً عن خير من آمن به وصدقه:

( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ . [الزمر:33] ولا شك أن كل ما أخبر به صلوات ربي وسلامه عليه حق لا كذب فيه فهو الصادق المصدوق وأمين الله على وحيه، قال تعالى-: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ).[النجم:3-4].

2-  طاعته فيما أمر، قال تعالى-: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ).[الحشر:7]، أي : مَهْمَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ وَمَهْمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ بِخَيْرٍ وإنما ينهى عن شر.

وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ". (معارج القبول - صحيح).

3- كذلك اجتناب ما نهى عنه وزجر، قال تعالى-: ( وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).[الحشر:7]، وصح عنه صلى الله عليه وسلم- أنه قال : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ". رواه مسلم.

4- ومن لوازم اتباعه صلى الله عليه وسلم ألّا يعبد الله إلا بما شرع ، حيث أن كل عمل لم يشرعه مردود على صاحبه -

فعن أم المؤمنين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-: " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ". رواه مسلم.

وللمتبعين له صلى الله عليه وسلم لهم محبة الله ومغفرة لذنوبهم، قال تعالى-: ( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ).[آلعمران:31].

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

تحقق محبة الرسول ومحبة الله باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فكل من كان تابعاً لرسول الله كان أحرى بمحبة الله ومحبة رسوله.

يقول الله تعالى : ﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾

وعلامة محبة الرسول أن يتحرى الإنسان سنته فيتبعها ولا يزيد في ذلك. وعلى هذا فالذين يتبعون بدعاً تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم يدعون أن ذلك من محبته وتعظيمه هم في الحقيقة لم يحبوه ولم يعظموه؛

وذلك لأن حقيقة المحبة والتعظيم أن تتبع أثاره، وأن لا تزيد في شرعه ولا تنقص منه . 

وأما من أراد أن يحدث في شرع الله ما ليس منه فإن محبته لله والرسول صلى الله وعليه وسلم قاصرة من دون شك؛

لأن كمال الأدب والتعظيم أن لا تقدم بين يدي الله ورسوله؛ قال الله تعالى : ﴿ يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ﴾. انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [319]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله :

وبالجملة فمعنا أصلان عظيمان :

أحدهما : ألا نعبد إلا الله.

والثاني : ألا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بعبادة مبتدعة.

وهذان الأصلان هما تحقيق " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله" كما قال تعالى : ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾. [الملك: 2].

قال الفضيل بن عياض : - رحمه الله - أحسن العمل أخلصه وأصوبه، قالوا : يا أبا على ما أخلصه وما أصوبه؟

فقال إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا،

والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة، وذلك تحقيق قولة تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾. [الكهف: 110].

وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه : اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا. انتهى من (مجموع فتاوى شيخ الإسلام (ج1 ص: 333-334). ط الحكومة السعودية).

- قال ابن القيم رحمه الله :

..المتابعة أن لا تقدم على ما جاء به قول أحد ولا رأيه كائنا من كان ، ...

قال الإمام الشافعي رحمه الله : أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد. انتهى من (كتاب الروح لابن القيم رحمه الله ص (582) .

إذن

قد نُهينا أعظم النهي وأشده عن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع أهوائنا وما أُحدِث في الدين مِن بِدع، فقال تعالى : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾. [النور: 63].

وكما يجب على المسلم أن يوحِّد المعبود جلَّ وعلا ؛ فلا يعبد غيره ، ولا يقصد سواه ، وهو ما تضمنه قولنا : " لا إله إلا الله "، وما يدلُّ عليه قولنا : ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾. [الفاتحة: 5].

فكذلك يجب على المسلم أن يوحِّد المتبوع ، فلا متبوع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه المُبلِّغ عن الله ما شرعه لعباده ، وهو معنى قولنا : "محمد رسول الله" صلى الله عليه وسلم.

فليس عبدًا لله مَن لم يلتزم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن ربه ، ولم يتبع منهجه ولم يطبق شرعَه ، وإن أقرَّ بأن الله خالقه ورازقه.


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات