لا يجوز التيمم
خوفا من خروج وقت الصلاة وخوفا من فوات صلاة الجمعة بسبب إشتغاله بالوضوء أو الغسل ولكن يتوضأ أو يغتسل ويصلي ولو خرج الوقت لأن التيمم إنما شرع عند فقد الماء أو العجز عن استعماله لمرض أو برد شديد وما شابه ففقدان الماء شرط لإباحة التيمم.
لقوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا. [المائدة: ٦]
فشرط جواز التيمم هو عدم الماء وهذا واجد للماء، فلا يجوز له التيمم.
فإذا كان التيمم لا يجوز في حق من خاف خروج وقت الصلاة - ووقت الصلاة يشمل وقت دخولها ووقت صلاتها حتى بعد صلاة الجماعة إلى قُبَيْلِ دخول وقت الصلاة التي بعدها فمن باب أولى أن لا يجوز التيمم في حق من خاف فوات وقت صلاة الجماعة والجمعة بل يصلى الجمعة ظهرا بوضوء.
قال النوويُّ رحمه الله:
إذا عدِمَ الماءَ بعد طَلَبِه المعتبَر، جاز له التيمُّمُ؛ للآية والأحاديث الصَّحيحة، والإجماعِ. ((المجموع)) (2/261).
قال ابن المنذر رحمه الله :
"قال أبو ثور : لا أعلم خلافا أن رجلا لو أحدث يوم الجمعة وخاف فوتها أن ليس له أن يتيمم ويصلي". انتهى. "الأوسط" (2/71) .
وقال أيضا رحمه الله:
أجمع أهل العلم على أن من خاف فوت الجمعة إن ذهب يتطهر بالماء، أنه لا يتيمم، ولكنه يتطهر، وإن فاتته الجمعة. ((الأوسط)) (5/467).
وقال ابن بطال رحمه الله :
"واحتج أهل المقالة الأولى ، فقالوا: أجمع أهل العلم على أن من خاف فوت الجمعة ، أنه لا يجوز له التيمم ، مثل أن يدرك الإمام في الركعة الثانية ، فإن تيمم أدركها مع الإمام ، وإن توضأ فاتته ، فكلهم قال : لا يتيمم وإن فاتته الجمعة ، فالذي يخاف فوت الجنازة أولى بذلك." انتهى . " شرح صحيح البخاري لابن بطال" (3/305) .
وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي:
قوله: لا لفوت جمعة ووقت ـ أي لا يصح التيمم لخوف فوت صلاة الجمعة وصلاة مكتوبة، وإنما يجوز التيمم لهما عند عدم القدرة على الماء حقيقة، أو حكما وفيه خلاف زفر كما قدمناه. انتهى.
قال ابن قدامة الحنبلى رحمه الله:
إذا كان الماء موجودا إلا أنه إذا اشتغل بتحصيله واستعماله فات الوقت، لم يبح له التيمم، سواء كان حاضرا أو مسافرا، في قول أكثر أهل العلم، منهم: الشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي. ((المغني)) (1/196).
قال ابن تيمية رحمه الله :
" ومن استيقظ آخر وقت صلاة وهو جنب وخاف إن اغتسل خرج الوقت اغتسل وصلى , ولو خرج الوقت , وكذا من نسيها " انتهى. "الاختيارات الفقهية".
وقال صديق حسن خان
فى (الروضة الندية) :
وأما ما قيل من أن فوات الصلاة باستعمال الماء وادراكها بالتيمم سبب من أسباب التيمم ، فليس على ذلك دليل ، بل الواجب استعمال الماء وهو إن كان تراخيه عن تأدية الصلاة إلى ذلك الوقت لعذر مسوغ للتأخير كالنوم والسهو ونحوهما ، فلم يوجب الله تعالى عليه إلا تأدية الصلاة في ذلك الوقت بالطهور الذي أوجبه الله تعالى ، وإن كان التراخي لا لعذر إلى وقت لو استعمل الوضوء فيه لخرج الوقت فعليه الوضوء وقد باء بإثم المعصية. اه
وقال العلامة الألبانى رحمه الله:
والذي يتبيَّن لي أنه لا يجوز التيمّم وذلك لأنَّه من الثابت في الشريعة أنَّ التيمُّم إِنّما يشرع عند عدم وجود الماء بنصِّ القرآن الكريم، وتوسَّعت في ذلك السنّة المطهرة فأجازَتْه لمرض أو برد شديد كما ذكَره المؤلّف، فأين الدليل على جوازه مع قدرته على استعمال الماء؟
فإِن قيل:
هو خشية خروج الوقت، قلتُ: هذا وحده لا يصلُح دليلاً، لأنَّ هذا الذي خشي خروج الوقت له حالتان لا ثالث لهما:
1- إِمّا أن يكون ضاق عليه الوقت بكسبه وتكاسُله
2- أو بسببٍ لا يملكه مِثل النَّوم والنسيان
ففي هذه الحالة الثانية؛ فالوقت يبتدئ من حين الاستيقاظ أو التذكُّر بقدر ما يتمكن من أداء الصلاة فيه كما أُمِر، بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "من نسي صلاة أو نام عنها فكفَّارتها أن يصلِّيها إِذا ذكرها". أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم، فقد جعل الشارع الحكيم لهذا المعذور وقتاً خاصّاً به، فهو إِذا صلّى كما أمر، يستعمل الماء لغسله أو وضوئه، فليس يخشى عليه خروج الوقت، فثبَت أنّه لا يجوز له أن يتيمّم، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" (ص12)، وذكَر في "المسائل الماردينية" (ص 65) أنَّه مذهب الجمهور.
وأمّا في الحالة الأولى؛ فمن المسلَّم أنَّه في الأصل مأمور باستعمال الماء وأنه لا يتيمّم، فكذلك يجب عليه في هذه الحالة أن يستعمل الماء، فإِنْ أدرك الصلاة فبها، وإِنْ فاتته فلا يلومنّ إلاَّ نفسه، لأنَّه هو الذي سعى إِلى هذه النتيجة.
ثمَّ رأيت الشوكاني كأنّه مال إِلى هذا الذي ذكَرته فراجع "السيل الجرّار" (1/ 126 - 127) " . انتهى.
قلت (العوايشة): قال الشوكاني -رحمه الله- في "الدراري المضيّة" (1/ 86):
"وأمّا ما قيل من أنّ فوات الصلاة باستعمال الماء وإِدراكها بالتيمّم سبب من أسباب التيمُّم؛ فليس على ذلك دليل؛ بل الواجب استعمال الماء، وهو إِن كان تراخيه عن تأدية الصلاة إِلى ذلك الوقت لعذر مسوغ للتأخير كالنوم والسهو ونحوهما؛ فلم يوجب الله تعالى عليه إِلا تأدية الصلاة في ذلك الوقت بالطهور الذي أوجبه الله تعالى عليه، وإِن كان التراخي لا لعذر إِلى وقت لو استعمل الوضوء فيه؛ لخرج الوقت فعليه الوضوء، وقد باء بإِثم المعصية". اه
الموسوعة الفقهية الميسرة للعوايشة 1 / 255 - (256)
وسئل أيضا العلامة الألبانى رحمه الله:
السائل :
بالنسبة لواحد سمع الأذان يؤذن و هو يقيم الصلاة للصبح و كان محتلما فهل يجوز له التيمم و يلحق الصلاة أو لا يجوز ؟
الشيخ :
لابد له أن يغتسل غسل الجنابة , غسل الجنابة طبعا نلاحظ فيه أنه ليس كغسل الجمعة لأن غسل الجمعة غسل نظافة أما غسل الجنابة غسل تعبدي كما قال عليه السلام لما جاءه سائل و سأله عن الغسل قال ( وأما أنا فأفيض على رأسي ثلاث حثيات فإذا أنا طاهر ) فغسل الجنابة ما يحتاج إلى وقت كثير فإذا اغتسل و كان ناوي أن يصلي في المسجد ثم ذهب إلى المسجد فإذا وجدهم في الصلاة فبها ونعمة , إن وجدتهم مصلين فقد كتبت له أجورهم غير منقوص .
السائل :
ولو يخشى خروج الوقت شيخنا ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل :
ولو استيقظ و تأخّر في الغسل لما يسخّن الماء و يتمّ غسله حتى خرج الوقت و طلعت الشمس ؟
الشيخ : أي نعم . اه
إذن الجُنب
يغتسل ولا يتيمم حتى لو خشي فوت صلاة الجماعة بل لو استيقظ متأخرا وخشي خروج الوقت إن اغتسل لأنه معذور.
سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
بالنسبة لتسخين الماء إذا كان الإنسان يتكاسل أو قام متأخراً من نومه في البرية ويخشى من فوات الوقت فما الذي يفعل هل يسخن الماء أم يتيمم؟
فأجاب:
"يجب عليه أن يسخن الماء ولو كان يخشى خروج الوقت ، وذلك لأن النائم إذا قام من نومه فوقت الصلاة في حقه من استيقاظه وليس من دخول وقتها ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) فجعل وقتها عند الذكر بالنسبة للنسيان ، وكذلك عند الاستيقاظ بالنسبة للنوم .
فنحن نقول :
إذا قمت مثلاً من نومك قبل طلوع الشمس بنحو خمس دقائق أو عشر دقائق إن تيممت أدركت الصلاة في الوقت وإن اغتسلت خرج الوقت ، فنقول : اغتسل ولو خرج الوقت ، وذلك لأن وقت الصلاة في حقك كان عند استيقاظك من النوم ، وليس من طلوع الفجر ، لأنك معذور به ." انتهى .
"اسم السلسلة:فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [67]".
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق