** يعتبر الإبتلاء من الظواهر التي تواجه الإنسان في حياته، كالمرض والفقر والموت وغيرها.
وقد يتساءل البعض : هل هو امتحان من الله لرفع درجاته أم عقوبة على ذنوبه؟ وما هي أنواعه؟
** الإبتلاء : امتحان أم عقوبة؟
بيان ذلك :
1- إذا كان المصاب بالابتلاء مسلماً عاصياً، فغالبًا ما يكون هذا الابتلاء عقوبة له،
وذلك لأن الله - تعالى - قد يبدأ بتكفير سيئات العبد قبل أن يرفع درجاته، والعاصي أكثر حاجة إلى مغفرة سيئاته.
- دل على ذلك : قوله ﷺ : ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ). (السلسلة الصحيحة (1220)) .
2- وإذا كان العبد المؤمن متمسكًا بطاعة الله، مخلصًا في عبادته،
فإن الابتلاء الذي يصيبه غالبًا ما يكون امتحانًا له، ويزيد من أجره ورفعة درجاته عند الله.
- دل على ذلك : قوله ﷺ : ( ما يصيب المؤمن من شوكةٍ فما فوقها إلا رفعه الله بها درجةً، أو حط عنه بها خطيئةً). [روى مسلم].
قال العلامة ابن باز رحمه الله :
الله يبتلي عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم،
كما يفعل بالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي ﷺ : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل،
وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة، كما قال سبحانه : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. [الشورى:30].
فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها،
فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب.
فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات، كما في قوله تعالى : مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ. [النساء:123].
وقول النبي ﷺ : ما أصاب المسلم من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها، وقوله ﷺ: من يرد الله به خيرا يصب منه.
وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة، كما في الحديث عنه ﷺ أنه قال : إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. خرجه الترمذي وحسنه. انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات ابن باز (4/ 371)).
- وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
... كما أن المصائب -من الأمراض والعاهات والأحزان- سبب في حط خطايا وتكفير ذنوب المؤمن، فقد ثبت في أحاديث كثيرة أنها تحط الخطايا،
- فعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته ». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
... هذا وقد تكون الأمراض ونحوها عقوبة، ومع ذلك تكون كفارة لمن أصابته إذا صبر واحتسب لعموم ما تقدم من النصوص.
ولقوله سبحانه : { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }. (سورة الشورى الآية ٣٠). انتهى باختصار من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١١١١٢)).
** ختامًا :
- إن الله تعالى حكيم في كل أفعاله، ولا يبتلي عباده إلا لحكمة بالغة. فربما يكون الابتلاء امتحانًا لصبر العبد، أو تطهيرًا لقلبه، أو رفعًا لدرجاته.
- فعلى المؤمن أن يصبر على كل ما يصيبه من مصائب وبلايا لينال أجر الصابرين الشاكرين ولا يجذع، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق