من الأمور التي قد تحدث أثناء الصلاة أن يعطس المصلي، فيثور التساؤل:
هل تبطل الصلاة إذا حمد العاطس الله، أو إذا شمّته من بجانبه؟
▣ هنا نستعرض الحكم الشرعي مستندًا إلى الأحاديث النبوية وأقوال العلماء.
▣▣ حكم حمد العاطس أثناء الصلاة؟
إذا عطس المُصلي، فإنه يُشرع له أن يحمد الله، ولكن بصوت خافت لا يُشوش به على المصلين من حوله.
* هذا الفعل لا يُبطل الصلاة، بل هو موافق للسنة النبوية.
- وقد جاء في حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال :
بينا أنا أصلي مع رسول الله ﷺ، إذ عطس رجل من القوم، فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم،
فقلت : واثكل أمياه، ما شأنكم؟ تنظرون إلي، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت،
فلما صلى رسول الله ﷺ، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني،
قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله ﷺ. (صحيح مسلم).
▣ الدليل من الحديث :
* حمد العاطس في الصلاة جائز ولا يبطلها.
* لا يجوز لمن يسمع العاطس في الصلاة أن يشمّته (أي يقول له : يرحمك الله)، لأن التشميت يُعد من كلام الناس الذي يُبطل الصلاة.
▣▣ حكم من شمّت العاطس في الصلاة؟
* إذا قام أحد المصلين بتشميت العاطس أثناء الصلاة، فإن صلاته لا تبطل إذا كان جاهلًا بالحكم أو ناسيًا.
* أما إذا كان يعلم الحكم وفعل ذلك عمدًا، فإن هذا يُعد من كلام الناس الذي يُبطل الصلاة.
- قال ابن حجر رحمه الله : " أجمَعوا على أنَّ الكلامَ في الصَّلاة من عالمٍ بالتحريم، عامدٍ لغير مصلحتها أو إنقاذِ مسلمٍ، مبطِلٌ لها ". ينظر: (فتح الباري، 3/75).
* أما إذا كان الشخص جاهلًا بالحكم أو ناسياً : فلا تبطل صلاته، وهو ما نستفيده من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه،
حيث لم يأمره النبي ﷺ بإعادة الصلاة بعدما تكلم أثناءها. ينظر: (شرح رياض الصالحين للعثيمين-(50)).
▣▣ الأحاديث الدالة على جواز حمد العاطس في الصلاة:
عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: " صليت خلف رسول الله ﷺ فعطست فقلت:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى ،
فلما صلى رسول الله ﷺ انصرف فقال : من المتكلم في الصلاة ؟ فلم يتكلم أحد ،
ثم قالها الثانية : من المتكلم في الصلاة ؟ فلم يتكلم أحد ، ثم قالها الثالثة : من المتكلم في الصلاة ؟
فقال رفاعة بن رافع بن عفراء : أنا يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ : لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولا. (حديث حسن- أصل صفة الصلاة للألباني -رقم : (2/695 )).
▣ الدلالة من الحديث :
* الحديث يدل على أن حمد العاطس في الصلاة جائز ولا يبطلها.
* الأفضل أن يحمد العاطس في نفسه بصوت منخفض. ينظر: (تحفة الأحوذي -للمباركفوري).
▣ تنبيه : قد أخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه إلا أنه لم يذكر أنه قال ذلك بعد أن عطس ، وإنما قاله بعد الرفع من الركوع ،
فيحمل على أن عطاسه وقع عند رفعه من الركوع ، فقال ذلك لأجل عطاسه ،
فأقره النبي ﷺ على ذلك ولم ينكر عليه ، فدل ذلك على مشروعيته في الصلاة.
▣▣ آراء العلماء حول حمد العاطس في الصلاة:
- جاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
من عطس وهو في الصلاة فإنه يشرع له أن يحمد الله سبحانه ، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً ،..
والصحيح من قولي العلماء ومذهب أحمد أنه يجهر بذلك ، ولكن بقدر ما يسمع نفسه ؛ لئلا يشوش على المصلين ،..
لكن من عطس في الصلاة ثم حمد الله ، فإنه لا يجوز لمن سمعه أن يشمته ؛ لأن التشميت من كلام الناس ، فلا يجوز في الصلاة ،.. ينظر: ("فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/113)) .
▣▣ خلاصة الحكم الشرعي :
* إذا عطس المصلي، يجوز له أن يحمد الله بصوت خافت لا يُشوش على الآخرين، ولا تبطل صلاته بذلك.
* لا يجوز تشميت العاطس أثناء الصلاة، ومن فعل ذلك جاهلاً أو ناسيًا، فصلاته صحيحة.
* الكلام في الصلاة عامدًا وعالمًا بالحكم يُبطل الصلاة.
والله اعلم
* شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك
تعليقات
إرسال تعليق