المقصود بالوسيلة في القرآن : هى القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد ﷺ بإخلاص في ذلك لله تعالى،
فالصلاة قربة والزكاة قربة والحج والعمرة قربة والصدقات قربة وقراءة القرآن وذكر الله قربة وقيام الليل قربة ونحو ذلك،
لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة.
** فالوسيلة: هى التقرب إليه بما شرع من الطاعات، كالصلاة والصوم والصدقة وأنواع الذكر، وغير ذلك،
فاطلبوا عباد الله حاجتكم من الله لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها ومما يبين معنى هذا، قوله تعالى : ( إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ ). [العنكبوت: 17].
** وإليك كلام أهل فى المقصود بقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾. [المائدة: 35].
- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :
قوله : وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ : يقول : واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه...
عن قتادة قوله : " وابتغوا إليه الوسيلة "، أي : تقربوا إليه بطاعته والعملِ بما يرضيه...
عن مجاهد : " وابتغوا إليه الوسيلة "، القربة إلى الله جل وعزّ. انتهى من تفسيره.
- وقال الحافظ القرطبي رحمه الله :
قوله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة". الوسيلة هي القربة، عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسدي وابن زيد وعبد الله بن كثير. انتهى من تفسيره.
- وقال العلامة الخازن رحمه الله :
ومجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما،
أحد النوعين: ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله تعالى : { اتَّقُوا اللَّهَ }.
والثاني: التقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وإليه الإشارة بقوله : { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }.
والوسيلة : فعيلة من وسل إليه إذا تقرب منه وإليه، وقيل معنى الوسيلة : المحبة، أي تحببوا إلى الله عز وجل،
وبهذا تعلم المراد بقوله تعالى : { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }. وهو : التقرب إليه بما شرع من الطاعات، كالصلاة والصوم والصدقة وأنواع الذكر، وغير ذلك. ينظر: (كتاب لباب التأويل في معاني التنزيل- المعروف بـتفسير الخازن).
- وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
( وابتغوا إليه الوسيلة ) قال سفيان الثوري حدثنا أبي ، عن طلحة عن عطاء عن ابن عباس : أي القربة.
وقال قتادة : أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.
وقرأ ابن زيد : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ). [ الإسراء : 57 ]، وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.. انتهى من تفسيره.
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
قد يغلط بعض الناس لجهله فيسمي دعوة الأموات والاستغاثة بهم وسيلة، هذا غلط، هذه وسيلة للكفر ما هي بوسيلة مباحة،
الله جل وعلا يقول : اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ. [المائدة:35]. الوسيلة القربة، يعني : بطاعته، هذه الوسيلة عند أهل العلم جميعًا، الوسيلة التقرب إلى الله بطاعته،
فالصلاة قربى إلى الله وسيلة، الذبح لله وسيلة كالضحايا والهدايا، الصوم وسيلة، الصدقات وسيلة، ذكر الله وقراءة القرآن وسيلة، هذا معنى قوله جل وعلا : اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا في سَبِيلِهِ. [المائدة:35]،
يعني : ابتغوا القرب إليه بطاعته، هكذا قال ابن جرير وابن كثير والبغوي وغيرهم من أئمة التفسير .
والمعنى : التمسوا القربة إليه بطاعته واطلبوها أينما كنتم مما شرع الله لكم، من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك،... ينظر: (مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(4/ 32-34)).
** ختاماً :
اعلم أخى المسلم هدانى الله واياك أنه ليس المراد بالوسيلة في الآية : الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه،
فهذا تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين وتلاعب بكتاب الله تعالى، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار،
كما صرح به تعالى في قوله عنهم : ( وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَـٰؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـوَتِ وَلاَ في ٱلأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ).[يونس:18].
* ولكن المراد بالوسيلة هنا : هى القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد ﷺ بإخلاص في ذلك لله تعالى،
لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق