القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم حرق أوراق المصحف القديمة


المصحف إذا كان في حالةٍ لا يُمكن الانتفاع به لتمزقه أو أن أوراقه قديمة وبالية فإنَّه يُحرق وذلك إكرام له وصيانة من الوطء بالأقدام لثبوت ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم .

ودليل ذلك :

1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أنَّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان رضي الله عنه وكان يُغازي أهل الشَّام في فتح أرمينية، وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين ! أدرك هذه الأمَّة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنَّصارى ! فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصُّحف ننسخُها في المصاحف ثمَّ نردُّها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزُّبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام رضي الله عنهم فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرَّهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن؛ فاكتبوه بلسان قريش، فإنَّما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتَّى إذا نسخوا الصُّحف في المصاحف؛ ردَّ عثمان رضي الله عنه الصُّحف إلى حفصة، فأرسل إلى كُلِّ أفقٍ بمصحفٍ ممَّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ، أو مصحف أن يُحرق. (صحيح البخاري)

 وفى الحديث لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضوان الله عليهم .

قال ابن بطال : 

" وفى أمر عثمان بتحريق الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ، وأن ذلك إكرام لها ، وصيانة من الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض ". انتهى ( " شرح صحيح البخاري" (10/226)) .

2- عن مصعب بن سعد قال : " أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف  فأعجبهم ذلك لم ينكر ذلك منهم أحد ". (صحح اسناده ابن كثير - كتاب فضائل القران)

3-  عن سويد بن غفلة قال : قال لي عليٌّ رضي الله عنه حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته. رواه ابن أبي داود في ((المصاحف)) (1/44)

4- وعنه أيضا قال : قال عليّ رضي الله عنه : أيّها النّاس إيّاكم والغلو في عثمان تقولون حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملأٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو وليت مثل ما ولي لفعلت مثل الذي فعل . رواه ابن أبي داود في ((المصاحف)) (1/77)

قال السيوطي رحمه الله : 

" إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلى ونحوه ، فلا يجوز وضعها في شق أو غيره ؛ لأنه قد يسقط ويوطأ ، ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم ، وفي ذلك إزراء بالمكتوب ... وإن أحرقها بالنار فلا بأس ، أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر عليه " .انتهى (" الإتقان في علوم القرآن" (2 / 1187))

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 " ولكن ينبغي بعد إحراقه أن يدق حتى لا يبقى قطع من الأوراق ، لأن الإحراق تبقى معه صورة الحرف كما يشاهد كثيراً ، فإذا دق وصار رماداً زال هذا المحذور" .انتهى ("فتاوى نور على الدرب" (16 / 148)).

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

إذا بليت أوراق المصحف وتمزقت من كثرة القراءة فيها مثلا، أو أصبحت غير صالحة للانتفاع بها، أو عثر فيها على أغلاط من إهمال من كتبها أو طبعها ولم يمكن إصلاحها جاز دفنها بلا تحريق، 

وجاز تحريقها ثم دفنها بمكان بعيد عن القاذورات ومواطئ الأقدام، صيانة لها من الامتهان، وحفظا للقرآن من أن يحصل فيه لبس أو تحريف أو اختلاف بانتشار المصاحف التي طرأت عليها أغلاط في كتابتها أو طباعتها، 

وقد ثبت في باب جمع القرآن من [صحيح البخاري] أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أمر أربعة من خيار قراء الصحابة بنسخ مصاحف من المصحف الذي كان قد جمع بأمر أبي بكر رضي الله عنهم، فلما فرغوا من ذلك أرسل عثمان إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق، ولم ينكر عليه ذلك أحد من الصحابة، إلا ما روي عن ابن مسعود، لكنه إنما أنكر قصر الناس على المصحف الذي أرسل به عثمان إلى الآفاق، ولم ينكر التحريق . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٧٦)) 

ومن العلماء من قال أن يدفنه في التراب .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

 "وأما المصحف العتيق والذي تَخرَّق وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه ، فإنه يدفن في مكان يُصان فيه ، كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه " .انتهى ( "مجموع الفتاوى" (12/599)).

قال الشيخ الفوزان حفظه الله :

إذا تمزَّق المصحف وخُشي عليه من الامتهان وأصبح في حالة لا يمكن الانتفاع به والقراءة فيه ، فلا بأس أن يُحرق أو أن يُدفن في أرض طاهرة ، لأنَّ كلاً من الأمرين فعله الصحابة رضي الله عنهم فقد دفنوا المصاحف ، وكذلك حرَّقوا المصاحف لمَّا جمعوا النَّاس على مصحفٍ واحد ، وهو مصحف عثمان رضى الله عنه ، حرَّقوا ما عداه من بقية المصاحف .

فالمصحف إذا كان في حالةٍ لا يُمكن الانتفاع به لتمزقه ، فإنَّه إمَّا أن يُدفن في مكان طاهر وإمَّا أن يُحرق وكلا الأمرين فعله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". اه ("مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (1/127)) .

ولكن القول بالإحراق أولى لثبوته عن الصحابة رضي الله عنهم .

وأما حرق المصحف سهواً أو وعمداً

المصحف الصالح للقراءة لا يحرق لحرمته وإذا أحرق امتهانا يكون كفراً عند الجميع.

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

 القرآن إذا تقطع وتمزق ولم ينتفع به يحرق أو يدفن في محل طيب حتى لا يمتهن، فإذا كان حرقه سهواً ما درى أنه قرآن فلا حرج عليه في ذلك أو حرقه عمداً لأنه متقطع ما يصلح للقراءة فيه فحرقه حتى لا يمتهن فلا بأس بذلك .

 أما إذا حرقه ساباً له كارهاً له مبغضاً له هذه ردة عن الإسلام نعوذ بالله الذي يحرقه كراهةً له وبغضاً له هذا منكر عظيم وردة عن الإسلام، وهكذا لو قعد عليه أو وطأ عليه برجله استهانةً له أو لطخه بالنجاسة كل هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله، فإذا وجد من المسلم استهانة للقرآن صريحة واضحة كأن يطأه برجله أو يجلس عليه بمقعدته ليقعد عليه أو يلطخه بالنجاسة أو يسبه ويسب من تكلم به أو ما أشبه هذا فإن هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله ... وكفر أكبر نسأل الله العافية .اه

جاء فى الموسوعة الفقهية :

 اتفق الفقهاء على أنه من استخف بالقرآن, أو بالمصحف, أو بشيء منه, أو جحد حرفا منه, أو كذب بشيء مما صرح به من حكم أو خبر, أو شك في شيء من ذلك, أو حاول إهانته بفعل معين, مثل إلقائه في القاذورات كفر بهذا الفعل . انتهى

قال القاضي عياض بن موسي المالكيّ : 

"وكذلك نكفِّر بفعلٍ أجْمَعَ المسلمون على أَنَّه لا يصدُرُ إلاَّ من كافر وإنْ كان صاحبُه مصرِّحًا بالإسلام مع فِعْلِه كالسجود للصَّنم، أو الشمس والقمر،والصَّليب والنَّار، والسَّعي إلى الكنائس والبِيَع مع أهلِها، والتَّزيِّي بزيِّهم من شدِّ الزَّنانير ؛ فقد أجمع المسلمون أنَّ هذا الفعل لا يوجد إلاَّ من كافرٍ وأَنَّ هذه الأفعال علامةٌ على الكفر، وإِنْ صرَّح فاعلها بالإسلام" . اه ( "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/331)).


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات