نظرًا لاحترام القرآن الكريم، فإنه عند تلف أوراق المصحف أو وصوله إلى حالة لا يمكن الاستفادة منه،
فإنه يجوز حرقه ثم دفنه فى مكان بعيد عن مواطئ الأقدام،
وذلك اتباعًا لفعل الصحابة الكرام، وذلك حفاظًا على مكانته ومنعًا من التعامل معه بغير الإحترام اللائق.
* أو أن يُدفن في مكان طاهر يُصان فيه.
ودليل ذلك :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه : ... حتَّى إذا نسخوا الصُّحف في المصاحف؛ ردَّ عثمان رضي الله عنه الصُّحف إلى حفصة،
فأرسل إلى كُلِّ أفقٍ بمصحفٍ ممَّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ، أو مصحف أن يُحرق. (صحيح البخاري).
وفى الحديث لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضوان الله عليهم .
- قال ابن بطال : وفى أمر عثمان بتحريق الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ،
وأن ذلك إكرام لها ، وصيانة من الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض. انتهى من ( " شرح صحيح البخاري" (10/226)) .
2 - عن مصعب بن سعد قال : " أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك لم ينكر ذلك منهم أحد ". (صحح اسناده ابن كثير - كتاب فضائل القران).
3 - وعن سويد بن غفلة قال : قال عليّ رضي الله عنه : أيّها النّاس إيّاكم والغلو في عثمان تقولون حرق المصاحف،
والله ما حرقها إلا عن ملأٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو وليت مثل ما ولي لفعلت مثل الذي فعل. (رواه ابن أبي داود في ((المصاحف)) (1/77)).
وإليك كلام أهل العلم
- قال العلامة السيوطي رحمه الله :
إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلى ونحوه ، فلا يجوز وضعها في شق أو غيره ؛ لأنه قد يسقط ويوطأ ،
ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم ، وفي ذلك إزراء بالمكتوب ...
وإن أحرقها بالنار فلا بأس ، أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر عليه. انتهى من (" الإتقان في علوم القرآن" (2 / 1187)).
- قال العلامة ابن باز رحمه الله :
القرآن إذا تقطع وتمزق ولم ينتفع به يحرق أو يدفن في محل طيب حتى لا يمتهن،
فإذا كان حرقه سهواً ما درى أنه قرآن فلا حرج عليه في ذلك،
أو حرقه عمداً لأنه متقطع ما يصلح للقراءة فيه فحرقه حتى لا يمتهن فلا بأس بذلك ... انتهى باختصار من (فتاوى نور على الدرب).
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
ولكن ينبغي بعد إحراقه أن يدق حتى لا يبقى قطع من الأوراق ، لأن الإحراق تبقى معه صورة الحرف كما يشاهد كثيراً ،
فإذا دق وصار رماداً زال هذا المحذور. انتهى من ("فتاوى نور على الدرب" (16 / 148)).
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
إذا بليت أوراق المصحف وتمزقت من كثرة القراءة فيها مثلا، أو أصبحت غير صالحة للانتفاع بها،
أو عثر فيها على أغلاط من إهمال من كتبها أو طبعها ولم يمكن إصلاحها جاز دفنها بلا تحريق،
وجاز تحريقها ثم دفنها بمكان بعيد عن القاذورات ومواطئ الأقدام، صيانة لها من الامتهان،... انتهى باختصار من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٧٦)).
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق