">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم من قتلت نفسها خوفًا من الإغتصاب أو بعد وقوعه؟


الإغتصاب جريمة بشعة، ولكن هل يُبرر الخوف منه أو التعرض له الانتحار؟

 سنتناول في هذا الموضوع الحكم الشرعي لذلك في ضوء القرآن والسنة وأقوال العلماء.

▣▣ ما حكم من قتلت نفسها خوفًا من الاغتصاب أو بعد أن وقعت فيه؟

✅ الجواب : لا يجوز شرعًا للمرأة أن تقتل نفسها خوفًا من الاغتصاب أو بعد وقوعه؛ لأن قتل النفس جريمة من أكبر الكبائر في الإسلام.
 
✔ فلا يُعد الخوف من العار مبررًا في الشرع للإقدام على الانتحار، سواء كان الخوف على نفسها أو على زوجها أو أهلها.

قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا}. [النساء: 29].

وقال النبي ﷺ: " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا...". رواه مسلم.

◄ وقد حذر النبي ﷺ من الانتحار بشدة، وأخبر أن المنتحر يعذب بنفس الأداة التي قتل بها نفسه.

▣▣ ما الواجب على المرأة إذا تعرضت لمحاولة اغتصاب؟

✅ المرأة يجب أن تدافع عن نفسها بكل ما تستطيع، ولا تستسلم، بل يجوز لها أن تقتل من يحاول اغتصابها إن لم تجد وسيلة أخرى.

✔ وهذا الدفاع عن نفسها واجب ، ولا شئ عليها إذا قتلت من يريد الزنا بها عن طريق الإكراه، لما جاء عن النبي ﷺ: "من قتل دون عرضه فهو شهيد...".

◄ فإن قُتلت وهي تدافع، فهي شهيدة، وإن قتلت المجرم دفاعًا عن عرضها، فلا شيء عليها.

▣▣ إن لم تستطع الدفاع :

✅ إذا أُكرهت على الزنا، ولا تستطيع دفعه، فعليها أن تصبر على ما قدَّره الله تعالى عليها، وتحتسب مصيبتها عند ربها، ولا إثم عليها، ولا يقام عليها حد.

قال تعالى : {ومن يُكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}. [النور: 33].

◄ فدلت الآية على انتفاء الإثم عن المرأة المكرهة على الزنا، وإذا انتفى الإثم عنها ارتفع الحد. يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 194).

ولقول النبي ﷺ : ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)). ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2045).

▣▣ ما هو حد الإكراه الذي يُعذر فيه الإنسان شرعًا؟.

◄ الإكراه المعتبر شرعًا والذي لا يأثم ولا يؤاخذ الانسان إذا فعله : هو الذي يُهدد فيه الإنسان بضرر بالغ أو هلاك محقق، 

وغَلَب على ظَنِّه أنَّ ما هُدِّد به سيقع عليه، ولا يستطيع دفعه أو التخلص منه إلا بارتكاب الفعل.

✅ كأن يُهدد الإنسان بـ : القتل أو التشريد أو الضرب المفضي للهلاك أو التعذيب الجسدي الشديد له أو لولده وزوجته

أو إذا أُكرهت المرأة بمنع الطعام والشراب، حتى يُخاف عليها من الهلاك، فهذا يُعد إكراهًا شرعيًا. يُنظر: ((المغني)) (10/353).

◄ أما التهديدات البسيطة أو القابلة للدفع، فليست عذرًا لارتكاب المحرم، ولا تُسقط المؤاخذة.

✔ ويجب أن نعلم أن من شروط اعتبار الشخص مُكرَهًا شرعًا، أن يكون عاجزًا تمامًا عن الدفاع عن نفسه أو الهروب من المعتدي،

فإذا كانت المرأة قادرة على الفرار، أو بإمكانها الاستعانة بالشرطة أو من يستطيع حمايتها فعليًّا،

فلا تُعد حينها مكرهة، ولا يُرفع عنها الحكم الشرعي، لأنها كانت تملك وسيلة للنجاة دون الوقوع في الحرام.

▣▣ أقوال العلماء حول قتل النفس في هذه الحالة :

★ قال السادة الشافعية :

لا يجب الحدُّ على المكرَه على الزنا، سواء أكان الإكراه تامًّا أم ناقصًا؛ لأن في الإكراه شبهةً، والحدود تُدرَأ بالشبهات، وهذا أظهر المذاهب، والله أعلم. ينظر: ( البدائع: ١٨٠/ ٧).

★ جاء في "المغني" لابن قدامة الحنبلي :

 ( وقال أحمد في امرأة أرادها رجل على نفسها فقتلته لتحصن نفسها ، قال أحمد : إذا علمت أنه لا يريد إلا نفسها فقتلته لتحصن نفسها فلا شئ عليها .

وذكر أحمد حديثا يرويه الزهري عن القاسم بن محمد ، عن عبيد بن عمير: أن رجلا أضاف ناسا من هذيل ، فأراد امرأة عن نفسها فرمته بحجر فقتلته. فقال عمر : و الله لا يودى أبدا – أي : لا تدفع عنه دية – ؛ 

ولأنه إذا جاز الدفع عن ماله الذي يجوز بذله وإباحته ، فدفع المرأة عن نفسها وصيانتها عن الفاحشة وحفظ عرضها من الزنا الذي لا يباح بحال ولا يجوز به البذل أولى من دفع الرجل عن ماله .

وإذا ثبت هذا فإنه يجب عليها أن تدفع عن نفسها إن أمكنها ذلك ؛ لأن التمكين منها محرم وفي ترك الدّفع تمكين ). انتهى.

★ قال شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى":

 إن المكرهة على الزنا وشرب الخمر معفو عنها، لقوله تعالى: { وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (النور: 33). انتهى.

★ سئل الشيخ الألباني رحمه الله  :

إذا اعتُديَ على امرأة مسلمة ، وأراد المعتدون أن يفعلوا الفاحشة بها ، فهل لها قتل نفسَها إذا خشيت ذلك ؟

فأجاب : لا يجوز. انتهى.
(سلسلة الهدى والنور -( شريط رقم 451 )).

★ قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

... قتل النفس لا يجوز، ولا يحل للإنسان إذا ابتلي أن يقتل نفسه، كما إذا ابتلي بالفاحشة، أو بشيء آخر لا يحل له قتل نفسه، أو بالسجن، ولكن عليها أن تدافع ما استطاعت.

وهكذا الرجل قد يبتلى باللواط، أو غيره، فيدافع عن نفسه ما استطاع، ولو أفضى إلى أن يقتل،

لكن لا يقتل نفسه هو يدافع، ولا يمكن من نفسه، لا من اللواط، ولا من الفاحشة، فإن قتله صاحب الجريمة؛ فهو شهيد، 

النبي ﷺ قال : من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون دينه فهو شهيد، من قتل دون دمه فهو شهيد وجاءه رجل قال : يا رسول الله، الرجل يأتيني يريد مالي؟

-مال ما هو بنفس- قال : لا تعطه مالك قال : فإن قاتلني قال : قاتله قال : فإن قتلته قال : فهو في النار قال : فإن قتلني، قال : فأنت في الجنة.

... فمن ابتلي في نفسه؛ فعليه الدفاع، وعليه الصبر، والمدافعة بقوة، وإذا أمكن أن يقتل المجرم فليقتل المجرم، إذا لم يندفع إلا بالقتل قتله، 

وإن اندفع بالكلام كالتحذير من مغبة أهل الجريمة؛ فالحمد لله، 

وإن لم يندفع إلا بالقتل كخنقة، أو طعنة بالسكين، أو بغير هذا فعل ذلك، وهو برئ منه، وهو إلى النار -نعوذ بالله- أما من غلبه المجرم، وقتله المجرم؛ فهو شهيد، وإلى الجنة. ينظر: (فتاوى الجامع الكبير).

▣▣ خلاصة الحكم الشرعي :

▪️ لا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها لا خوفًا من الاغتصاب ولا بعد وقوعه.

▪️ يجب عليها الدفاع عن نفسها، ولو أدى لقتل المعتدي، فإن قُتلت فهي شهيدة.

▪️ إن أُكرهت فعلاً ولم تستطع الدفاع، فهي غير آثمة.

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات