">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل تتضاعف السيئات في مكة؟ حقيقة أم لا؟


هل حقًا تتضاعف السيئات في مكة؟ سؤال يطرحه الكثير من المسلمين، خاصة مع عظمة المكان وحرمة البلد الحرام. فما حقيقة ذلك من منظور الشريعة؟

▣▣ السيئات لا تتضاعف كمًّا في مكة ولا في غيرها.

✔ أكد العلماء أن السيئات لا تتضاعف في العدد (الكم) لا في مكة ولا في أي مكان آخر، لقول الله تعالى: "ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها". (سورة الأنعام، الآية 160).

◄ وهذا نص صريح يدل على أن الجزاء على السيئة واحد فقط، دون مضاعفة عددية.

◄ فإن عمومات النصوص دالة على أن السيئات إنما تُكتب بواحدة ولا تُضاعف, ولم يصح دليل على استثناء الحرم من ذلك. (انظر: العواصم والقواصم (9/104).).

▣▣ السيئة في مكة أعظم وأشد إثمًا.

✔ رغم أن السيئات لا تتضاعف كمًّا، إلا أن إثم السيئة في مكة أعظم، بل الهم بالسيئة متوعد صاحبه بالعقوبة ، وذلك بسبب حرمة المكان ومكانته عند الله،

لقوله الله تعالى: "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم". (سورة الحج، الآية 25).

 وهذا يدل على أن النية بالإثم في مكة قد توجب الوعيد، فكيف بالفعل؟ وهذا دليل على شدة الإثم في الحرم.

✅ ويشهد لهذا أثر: عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ؛ فعن مجاهد قال : (رأيت عبد الله بن عمرو بن العاص بعرفة ومنزله في الحل ومصلاه في الحرم,

فقيل له : لم تفعل هذا؟ فقال : لأن العمل فيه أفضل, والخطيئة أعظم فيه). ( أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (5/28) برقم (8871) من طريق معمر عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهذا إسناد صحيح).

▣▣ أقوال العلماء : السيئة في مكة تتضاعف كيفًا لا كمًّا.

★ وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

وكان جماعة من الصحابة يتقون سكنى الحرم خشية ارتكاب الذنوب فيه, منهم ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص, وكذلك كان عمر بن عبد العزيز يفعل. ينظر: (جامع العلوم والحكم (2/318)).

★ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله :

والجمهور على التعميم [أي بعدم التضعيف] في الأزمنة والأمكنة, لكن قد يتفاوت بالعظمينظر: ( فتح الباري (11/329)).

★ قال العلامة ابن القيم رحمه الله  :

من هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها،

فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، 

ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم. ينظر: "زاد المعاد" (1/ 52).

★ وقال العلامة ابن باز رحمه الله :

ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأسن يئة الحرم عظيمة وشديدة : يقول الله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ). [الحج: من الآية25],

فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة, حتى إن في الهم بالسيئة فيه هذا الوعيد.

 وإذا كان من همَّ بالإلحاد في الحرم متوعداً بالعذاب الأليم فكيف بحال من فعل في الحرم الإلحاد بالسيئات والمنكرات؛

فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهم, وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطيرينظر: (مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (3/1163).).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

المضاعفة في مكة بالنسبة للسيئات ليست من ناحية الكمية، ولكنها تتضاعف من ناحية الكيفية، بمعنى أن العقوبة تكون أشد وأوجع، 

والدليل أنها لا تضاعف كمية قوله تعالى : "مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ" ، وهذه الآية مكية، لأنها في سورة الأنعام، 

لكن كما قال الله تعالى : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ".؛

يعني أن إيلام العقوبة في مكة أشد من إيلام العقوبة إذا فعلت هذه المعصية خارج مكة. وفي هذا التحذير الشديد من المعاصي في مكة. ينظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (20/169).

▣▣ الخلاصة :

▪️ السيئات لا تتضاعف كمًا، ولكنها تتعاظم كيفًا، أي أن إثم المعصية في مكة أشد وأعظم منه في غيرها، بسبب حرمة البلد الحرام ومكانته.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات