القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها في حالة الزنا؟


يجوز للزوج أن يقتل من وجده يزني بزوجته كعشيقها وأن يقتلها معه فيما بينه وبين الله وهذا القتل عقوبة على من هتك عرضه،

سواء كان محصنا أو غير محصن معروفا بذلك أو غير معروف كما دل عليه فتاوى الصحابة.

وأما قضاءً: أي عند القاضي فإن لم يأت بأربعة شهداء فإنه يُقام عليه الحد إن رُفع للقضاء لأن الأصل عدم ما يدعيه، فلا يثبت بمجرد الدعوى.

وأما إن ثبتت جريمة الزنا عند القاضي بالشهادة أو باعتراف ولي الدم أي القتيل بواقعة الزنا فدمهما هُدر أى لا قصاص عليه ولا يُقتل بهما .

وقد اختار بعض الفقهاء بألا يقتل الزوجة لأنها قد تكون مكرهة.

ودليل ذلك :

1- في الصحيحين أن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله لو وجدتُ مع أهلي رجلًا لم أمسَّه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نعم))،

قال : كلَّا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني). متفق عليه.

ورواه مسلم عن المغيرة بن شعبة، قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلًا مع امرأتي، لضربتُه بالسيف غير مُصفح عنه،

فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : " أتعجبون من غيرة سعد، فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني...الى اخر الحديث.

وظاهر الحديث : أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليه، ولا نهاه عن قتله، ولا قال له : لو قتلته، قُتِلت به،

 ولأنه لو كان إنكاراً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً فإن الأمر خطير لأن الأمر هو قتل نفس،

فلو كان قتل هذه النفس بغير حق لبينه الرسول صلى عليه الصلاة والسلام، ويدل على هذا :

2- ما رواه سعيد بن منصور فى "سننه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه كان يوما يتغدى إذ جاء رجل يعدو وفى يده سيف ملطخ بالدم ووراءه قوم يعدون خلفه فجاء حتى جلس مع عمر،

فجاء الاخرون فقالوا : يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا فقال له عمر : ما تقول؟ فقال : يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته فقال عمر : ما تقولون؟

قالوا : يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة فأخذ عمر سيفه فهزه ثم دفعه إليه، وقال : " إن عاد فعد ".

قال النووي رحمه الله :

  " اختلف العلماء فيمن قتل رجلا وزعم أنه وجده قد زنى بامرأته،

فقال جمهورهم : لا يقبل قوله بل يلزمه القصاص إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف به ورثة القتيل ،

والبينة أربعة من عدول الرجال يشهدون على نفس الزنى ويكون القتيل محصنا،

وأما فيما بينه وبين الله تعالى : فإن كان صادقا فلا شيء عليه

وقال بعض أصحابنا : يجب على كل من قتل زانيا محصنا : القصاص ما لم يأمر السلطان بقتله والصواب : الأول .

 وجاء عن بعض السلف : تصديقه في أنه زنى بامرأته وقتله بذلك ". انتهى من ( شرح مسلم (10 / 121)).

قال ابن القيم رحمه الله :

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال : ليس هذا من باب دفع الصائل بل من باب عقوبة المعتدي المؤذي،

وعلى هذا فيجوز له فيما بينه وبين الله تعالى قتل من اعتدى على حريمه سواء كان محصناً أو غير محصنٍ معروفاً بذلك أو غير معروفٍ، كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة. انتهى من " زاد المعاد " ( 5 / 406 ، 407 ) .

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله:

....وليس هذا من باب دفع الصائل ليس هذا من باب دفع الصائل لأنه لو كان من باب دفع الصائل لكان الواجب على الزوج أن يقول له:

يا فلان اتق الله كيف تفعل فاحشة بأهلي فإذا أبى أن يقوم جره فإن عجز عنه نعم فله أن يقتله إذا لم يندفع إلا بالقتل،

ولكن هذا ليس من باب دفع الصائل بل من عقوبة المعتدي، فإن قال قائل وهل لهذا نقيض في الشرع قلنا نعم،

لو أن رجلاً نظر إليك من خصاص الباب نظر إلى بيتك من خصاص الباب خصاصه يعني فتحة الباب والباب مغلق فإنه يجوز لك أن تأخذ المدرى وتفقأ عينه بانذار ولا بدون إنذار؟ بدون إنذار،

حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام أخذ المدرى وجعل يختله يعني يمشي شوي شوي من أجل أن لا يحس به ،

ولو كان هذا من باب دفع الصائل نعم لتكلم عليه أولاً وقال انصرف عن الباب اتق الله ثم إذا أصر يعامل بما يعامل به،

فالظاهر لي أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتعجبون من غيرة سعد ) الخ أن هذا من باب الثناء على سعد والإقرار على ذلك،

ولكن لو ادعى أحد هذه الدعوى أنه وجد هذا القتيل على أهله وأنكر أولياء القتيل فماذا نصنع ؟ هل نقول للقاتل ائيت ببينة لأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر،

 أو نقول إنه صادق لأن إقامة البينة على مثل هذه القضية ايش؟ صعبة متعذرة أو متعسرة؟ لو ذهب يأتي بأربعة شهداء لكان هذا الرجل قضى حاجته وولى،

ولهذا كان سبب كلام سعد بن عبادة سببه أن الله أنزل (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة )) قال : ( أرى لكع ابن لكع على أهلي وأذهب آتي بأربعة شهداء والله لو رأيته لأضربنه بالسيف غير مصفح )،

فإقامة البينة متعذرة ولكن قبول الدعوى أيضاً مشكل لأن كل إنسان يستطيع أن يدعو شخصاً إلى بيته وهو يريد قتله فيقتله ويدعي هذه الدعوة.

فاختلف العلماء في هذا فقال الفقهاء وبعض الحنابلة: لا تقبل دعواه ويقتل لا تقبل دعواه ويقتل، لأنه قتل نفساً محرمة وتكون هذه المصيبة عليه رفعة درجات له عند الله،

ولكن حبر زمانه وإمام من بعده شيخ الإسلام ابن تيمية قال : " لا تأتي بمثل هذا شريعة الإسلام المبنية على العدل والحكمة بل يجب أن ينظر:

فإذا كان المدعي رجل خير وعدلاً وكان المقتول شريراً معروفاً بالخبث فإن القول قول المدعي القاتل وإن كان الأمر بالعكس فالقول قول أولياء المقتول

وقال " إن القرائن تثبت بها الأحكام " فالحاكم في قصة يوسف حكم بالقرينة (( قال إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قدّ من دبر )) حكم وقال (( إنه من كيدكن إن كيدكم عظيم ))،

وسليمان أيضاً حكم بالقرائن في قصة المرأتين المتنازعتين على ابن لإحداهما:

فدعا بالسكين وقال أشق الولد نصفين نصف لهذا ونصف لهذا أما الكبيرة فرحبت بهذه الحكم وأما الصغيرة فأبت وقال هو ولدها يا نبي الله فلمن قضى به ؟ للصغيرة،

عرف أنها أمه وأنها آثرت حياته على مفارقته وأما الكبيرة فلقد هلك ولدها وقالت خذ هذا الولد يهلك معه أيضاً ولا في قلبها رحمة فعرف أنه ليس ولدها،

فالحاصل أن ما ذهب إليه شيخ الاسلام رحمه الله هو الحق في هذه المسألة.. انتهى من (شرح كتاب التوحيد-11-صحيح البخاري).

** وقد قام الإمام ابن القيم رحمه الله بتوضيح ما جاء فى الاحاديث فأزال الإشكال، فقال:

ولكن هاهنا مسألتان يجب التفريق بينهما :

 إحداهما : هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يقتله أم لا؟

 والثاني : هل يقبل قوله في ظاهر الحكم أم لا؟

 وبهذا التفريق يزول الإشكال فيما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك حتى جعلها بعض العلماء مسألة نزاع بين الصحابة، وقال :

مذهب عمر رضي الله عنه : أنه لا يقتل به

ومذهب علي : أنه يقتل به.

قال ابن القيم :

 وأنت إذا تأملت حكميهما لم تجد بينهما اختلافا،

فإن عمر إنما أسقط عنه القول لما اعترف الولي بأنه كان مع امرأته، وقد قال أصحابنا واللفظ لصاحب "المغني" :

فإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص ولا دية لما روي عن عمر، ثم ساق القصة وكلامه يعطي أنه لا فرق بين أن يكون محصنا وغير محصن وكذلك حكم عمر في هذا القتيل،

وقوله أيضا : " فإن عادوا فعد " ولم يفرق بين المحصن وغيره وهذا هو الصواب، وإن كان صاحب "المستوعب" قد قال :

وإن وجد مع امرأته رجلا ينال منها ما يوجب الرجم فقتله وادعى أنه قتله لأجل ذلك فعليه القصاص في ظاهر الحكم إلا أن يأتي ببينة بدعواه فلا يلزمه القصاص.

قال : وفي عدد البينة روايتان:

 إحداهما : شاهدان، اختارها أبو بكر لأن البينة على الوجود لا على الزنا.

 والأخرى : لا تقبل أقل من أربعة.

 والصحيح أن البينة متى قامت بذلك أو أقر به الولي سقط القصاص محصنا كان أو غيره،

وعليه يدل كلام علي فإنه قال فيمن وجد مع امرأته رجلا فقتله : " إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته "،

 وهذا لأن هذا القتل ليس بحد للزنا ولو كان حدا لما كان بالسيف ولاعتبر له شروط إقامة الحد وكيفيته، وإنما هو عقوبة لمن تعدى عليه وهتك حريمه، وأفسد أهله. 

وكذلك فعل الزبير رضي الله عنه : لما تخلف عن الجيش ومعه جارية له فأتاه رجلان فقالا : أعطنا شيئا، فأعطاهما طعاما كان معه فقالا : خل عن الجارية ، فضربهما بسيفه فقطعهما بضربة واحدة .اه

 وعلى هذا فيجوز له فيما بينه وبين الله تعالى قتل من اعتدى على حريمه سواء كان محصنا أو غير محصن معروفا بذلك أو غير معروف، كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة.

فإن قيل :

 فما تقولون في الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : يا رسول الله، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا، أيقتله؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « لا »، فقال سعد : بلى والذي بعثك بالحق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ».

 وفي اللفظ الاخر : إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى اتي بأربعة شهداء؟ قال : «نعم»، قال : والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك،

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنه لغيور وأنا أغير منه، والله أغير مني » .

 قلنا : 

نتلقاه بالقبول والتسليم والقول بموجبه واخر الحديث دليل على أنه لو قتله لم يقد به؛ لأنه قال : " بلى والذي أكرمك بالحق "،

ولو وجب عليه القصاص بقتله لما أقره على هذا الحلف ولما أثنى على غيرته، ولقال : لو قتلته قتلت به،

وحديث أبي هريرة صريح في هذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني ».

ولم ينكر عليه ولا نهاه عن قتله لأن قوله صلى الله عليه وسلم حكم ملزم وكذلك فتواه حكم عام للأمة،

فلو أذن له في قتله لكان ذلك حكما منه بأن دمه هدر في ظاهر الشرع وباطنه ووقعت المفسدة التي درأها الله بالقصاص،

وتهالك الناس في قتل من يريدون قتله في دورهم ويدعون أنهم كانوا يرونهم على حريمهم فسد الذريعة وحمى المفسدة وصان الدماء وفي ذلك دليل على أنه لا يقبل قول القاتل ويقاد به في ظاهر الشرع،

فلما حلف سعد أنه يقتله ولا ينتظر به الشهود عجب النبي صلى الله عليه وسلم من غيرته وأخبر أنه غيور وأنه صلى الله عليه وسلم أغير منه والله أشد غيرة 

وهذا يحتمل معنيين :

أحدهما : إقراره وسكوته على ما حلف عليه سعد أنه جائز له فيما بينه وبين الله ونهيه عن قتله في ظاهر الشرع ولا يناقض أول الحديث اخره.
 
والثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك كالمنكر على سعد فقال : «ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم!» يعني :

 أنا أنهاه عن قتله وهو يقول : " بلى والذي أكرمك بالحق " ثم أخبرعن الحامل له على هذه المخالفة وأنه شدة غيرته ثم قال : « أنا أغير منه والله أغير مني » 

وقد شرع إقامة الشهداء الأربعة مع شدة غيرته سبحانه فهي مقرونة بحكمة ومصلحة ورحمة وإحسان،

 فالله سبحانه مع شدة غيرته أعلم بمصالح عباده وما شرعه لهم من إقامة الشهود الأربعة دون المبادرة إلى القتل، وأنا أغير من سعد وقد نهيته عن قتله،

وقد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الأمرين وهو الأليق بكلامه وسياق القصة ". انتهى من ("زاد المعاد" (5 /362)).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات